منذ عودة التعليم الوجاهي تم التّمني على وزارة التربية أن تبدأ عامها الدراسي باحتفالات، ليتمكن الطلبة والمعلمون من التكيف بعد فترة انقطاع طويلة عن تفاعلهم المعتاد !
وقلنا إن العلاقات التي كانت سائدة قبل كورونا ، لن تسود بعدها، فالطلبة تعودوا على تعلم من دون معلم، فلماذا يخضعون الآن إلى سلطة معلم ؟
إن العلاقات بين المدارس وطلبتها عبر التاريخ كانت علاقات سلطوية قائمة على القهر والكبت !
فالامتثال قيمة والطاعة قيمة والهدوء قيمة والخوف من سطوة القوانين المدرسية قيمة .
وما أن بدأت أزمة كورونا تغيرت هذه القيم، حيث صار التعلم ذاتيا حرا ، وغير مقيد بوقت ولا بملابس ولا سلوك معين، إذا نحن بحاجة إلى علاقات جديدة وقيم جديدة تنظم هذه العلاقات !!
ما حدث ويحدث – أن بعض المعلمين بعد عودة التعليم الوجاهي – حاولوا فرض سلطتهم أو استعادة سلطتهم المفقودة، فعادوا إلى القسوة والضبط وربما العنف !! وهذا ما جعلنا نشهد حالات ليست فردية من سوء تصرف أو إساءة استخدام حق ! فعاد المعلمون إلى العنف اللفظي والبدني في أكثر من حالة ! مما استدعى تدخل الوزير في تشكيل أكثر من لجنة تحقيق للبحث في حالات " اعتداءات " معلمين على طلبتهم لفظيا ، أو جسديا ، أو نفسيا !!
هذا القرار الحازم كان ضروريا مع أنني كنت أتمنى أن نهنئ مدارسنا وطلبتنا ومعلمينا للعودة إلى المدارس ، وأن تتم العودة بفرح!!
لم ننجح كالعادة بالرغم من بداهة أهمية التهيئة لعودة آمنة !
فالعودة الآمنة للتدريس ليست كلها صحية والالتزام ببروتوكول صحي ! كنا بحاجة إلى بروتوكول مهني أخلاقي جديد ينظم العلاقات بعد كورونا :
بروتوكول يحدد حقوق الطلبة وحقوق المعلمين ، وواجبات الطلبة وواجبات المعلمين ! حتى نضمن علاقات جديدة لا تقوم على سلطة القوة بل سلطة المنطق والمبدأ !
فالطلبة جاءوا إلى مدارسنا طلبا للتوجيه والرعاية ، وهم ليسوا أندادا للمدرسة حتى يعاقبوا بمثل هذه الطرق !!
من يسمح بضرب طالب ذهب إلى مدرسته للتعلم ؟ وكيف يشتم طفلا لأنه لم يمارس سلوكا نمطيا فرضته المدرسة؟ ومهما كانت مخالفات الطلبة فلا يمكن أن يعطى المعلم حق الشتم والاعتداء !! فالمدرسة كما أوضحت في مقالة سابقة يجب أن تكون مطلوبة، وإذا كانت تريد أن تمارس دور الطالبة أو المتطلبة ، فعليها أن تعمل مع الطلبة ومن أجلهم وأن تتفق معهم ! فلا هدف للمدرسة غير بناء الطلبة !
وعودة إلى قرار وزير التربية بتشكيل لجنة تحقيق ، فإن هذا القرار قد ينصف طالبا أو يضع خدا لقضية واحدة ! لذلك نأمل أن يتبع هذا القرار قرارات عديدة تطلب من المدرسة الاعتراف بطلبتها كشركاء لا مجرد متلقين ! وهذا يعني أن تشرك طلبتها بوضع قوانين المدرسة وفي إدارة المدرسة ، وإلا سيبقى المعلم صاحب السلطة المطلقة ، وسنبقى نشكل لجان تحقيق متلاحقة !
وكما يحتاج الطلبة إلى دعم ، يحتاج المعلمون إلى دعم ، وفي هذا حديث آخر .