ماهر ابو هلال .. وداعا يا صديقي المقدسي
د. صبري ربيحات
09-09-2021 01:39 PM
الزميل والصديق الدكتور ماهر ابو هلال استاذ العلوم التربوية واحد اخلص واصدق واطيب الناس الذين عرفتهم يرحل عن الدنيا اليوم بعد حياة حافلة بالعمل الجاد والكفاح المتواصل في ا الاكاديميا ورفع الوعي وتطوير التعليم...
عرفت الاخ ماهر مبكرا ومنذ ان كنا طلابا في كلية التربية في اوائل السبعينات حيث كان الاقرب الى عمه المرحوم الدكتور احمد ابو هلال رئيس القسم انذاك والاستاذ الجامعي الصارم الودود... كان ماهر يكبرنا بعام وكان حينها الاقرب الى صورة الطالب المثالي فقد كان همزة الوصل بيننا وبين الاساتذة الذين كنا نحترم ونهاب.....
ماهر الذي يتبدى عليه الخجل ويحسب الف حساب لتوقعات عمه الذي ينظر للتعليم على انه حرفة لا ينبغي اغفال ايا من متطلباتها... عصامي وجاد وكتوم لا يحب ان يتفوق عليه احد فقد كان يقرأ كل ما يضمنه الاساتذة في الخطة ويعير من يريد دفتر ملاحظاته وملخص قراءته ونحدد صعوبة او سهولة المادة من مدى قدرة ماهر على الاحاطة بالمقرارات.
في تلك الايام التي عاد فيها اوائل الاساتذة الذين جرى ابتعاثهم ليكونوا اساتذة في التخصصات المختلفة اعتاد الاساتذة الجدد على ان يمطرونا بوابل من الخطط التفصيلية المثقلة بالقرادات العربية والانجليزية وكنا نحن طلبة مدارس القرى نعاني الكثير من الاحاطة بمراجع اللغة الانجليزية التي يصر اساتذتنا على تضمينها لدليل المواد التي ندرسها.. يومها كان ماهر احد الطلبة الاقلاء الذين يستدلون على المراجع ويتمتع بحرية طافحة في الوصول الى خزائن كتب المرحوم الاستاذ احمد ابو هلال ويزودنا بنسخ تكفي للتداول... مادة المقدمة في علم الانثروبولوجيا التي كانت متطلبا اجباريا فيها من البيولوجيا والاقتصاد وعلم النفس والجغرافيا ما يجعل دراستها معقدة قليلا خصوصا ونحن نحتار في تصنيفها بين صنوف العلوم التي خبرنها واعتدنا عليها... كانت الانثربولوجيا مرتبطة باحمد ابو هلال الذي الف كتابا يشرح فيه مفاهيمها الاساسية... العديد من الطلبة اعادوا هذه المادة مرارا لا لصعوبتها بل لغرابة الموضوعات واصطدام بعض المفاهيم بالقيم والقناعات السائدة...
في ثمانينيات القرن الماضي التقيته في احدى اجتماعات اللجنة العربية الامريكية ضد التمييز في كالفورنيا حيث كنا طلابا في الدراسات العليا وكان هو ناشطا في اللجنة مع الزنيل اسناعيل عقل واخرون.
بعدها عاد ماهر ليعمل في فلسطين ودول الخليج الى ان استقربه الامر هناك يعود فيها الى بلاد الشام من صيف الى اخر
في منتصف التسعينيات كلفت من قبل منظمة العمل الدولية مع فريق اردني بمهمة تصميم وتنفيذ برنامج لاعادة تأهيل الاسرى المحررين من سجون الاحتلال.. البرنامج الذي دام لاشهر شمل تأسيس مراكز في ١٤ مدينة فلسطينية وتطلب تواجدي في رام الله لاشهر متقطعة. في تلك الايام كان ماهر مستشارا لحنان عشراوي وزيرة التعليم العالي كان ياتي ليصطحبني الى بلدته ابو ديس التي احببت وقد اقمت ليال عديدة في بيتهم وتعرفت على بقية افراد الاسرة وعائلة ابو هلال التي احترم واحب.
اليوم اشعر بالفقد الكبير لشخص مر على الدنيا خفيفا شاكرا وحامدا غير متطلب ولا معاند.. الرحمة لروحك صديقي وانا لله وانا اليه راجعون.