حتى لا تخسر غزة .. و"تتنفس" إسرائيل
نشأت الحلبي
21-06-2010 05:14 AM
لا شك بأن سفن الحرية، التي قدم منظموها لأجل غزة دماء زكية، قد أتت أكلا لم يأت بمثله أي تحرك سياسي منذ بدأ الحصار الإسرائيلي الظالم على القطاع، حتى أن الحرب التي شنتها إسرائيل ضد أهالي غزة في عملية "الرصاص المصبوب"، ورغم كل الدماء الطاهرة التي روت أرض القطاع، لم تكن نتائجها بما حققته سفن الحرية، وهذا بلا شك يعود الى عوامل عدة أهمها أن منظمو أساطيل الحرية ينتمون لأكثر من جنسية لا سيما الغربية منها، وهو الأمر الذي ساهم في رفع سقف الكراهية في قلوب شعوب الغرب، وهذا بلا شك إنتصار كبير ما كان ليتحقق لولا شهداء أساطيل الحرية.
العامل الآخر الهام يعود الى أن الدولة التي تصدت للعدوان الإسرائيلي هي تركيا، فأنقرة تحظى بمصداقية عالية عند الغرب، وهي عضو في حلف الناتو وتعمل جاهدة للإنضام الى التكتل الأوروبي، وغير ذلك، فإنها كانت والى وقت قريب جدا، من الأصدقاء، بل والحلفاء لإسرائيل، وقد كانت الراعية للمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وبين واحدة من ألد أعدائها في المنطقة وهي سوريا، فبات يُنظر الى أنقرة في مرحلة ما بأنها ستكون بوابة العبور الإسرائيلي الآمن الى المنطقة.
إذن، تعدد جنسيات النشطاء، وتركيا، كانا أهم عاملين في تحقيق نتائج مبهرة لما بعد جريمة إسرائيل بحق النشطاء خصوصا بحق الأتراك الثلاثة الذين إستشهدوا بالرصاص الإسرائيلي على متن السفينة مرمرة، وهو ما أحدث دربكة لإسرائيل على الصعيد الدولي لم تكن تتخيلها، وهو ما دفع كذلك الى الحديث بشكل جاد وفعلي عن قرب رفع الحصار عن غزة، وفي زيارة أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى الى القطاع، مؤشرات واضحة بهذا الإتجاه، وكذلك تأكيد مصر بأن معبر رفح لن يغلق في الأفق المنظور.
في خضم كل هذا النجاح، تأتي أنباء من طهران تؤكد أن إيران ستسيّر سفن مساعدات بإتجاه غزة، وفي الوقت الذي يمكن أن لا يُشك به بحسن نوايا "سفن إيران"، لكنها في الوقت عينه قد تأت بنتائج عسكية، وقد تضر بما حققته سفن الحرية التركية، فإيران، بالمقاييس الدولية، ليست تركيا، وإذا ما كان العالم قد وقف ضد إسرائيل في جريمتها بحق السفن التركية، فإنه ولا شك سيقف معها فيما إذا إقترفت ذات الجريمة بحق سفن إيرانية، وحتى الشعوب الغربية، ستصدق مثلا بأن من على ظهر السفن الإيرانية هم من الحرس الثوري، أو أنهم يحملون اسلحة، فهذه إيران التي تريد إلقاء اليهود في البحر، وتريد زوال إسرائيل من على خارطة العالم، وصاحبة "النووي" الذي يقف كل العالم ضده.
وبالمناسبة، فإن حماس نفسها كانت قد تنبهت الى هذا الأمر مسبقا حين أعلنت رفضها لعرض "الحرس الثوري" بأن ترافق سفن حربية إيرانية أساطيل الحرية لحمايتها، فالحركة تقرأ المزاج الدولي بشكل دقيق، وتعلم بأن هذا ليس وقت مناكفة العالم من بوابة طهران ووضع كل بيضها في السلة الإيرانية إذا ما كانت حقا تريد أن تصل الى "إنتصار رفع الحصار"، وعليه، فإن أي تحرك إيراني، حتى لو كان إنسانيا، الآن، يمكن أن يرمي لحكومة إسرائيل بطوق نجاة لربما هي تطلبه بإلحاح حتى تتنفس من الضغط الذي ترزح تحته، وهذه دعوة خالصة للإيرانيين بأن يحسبوا أي خطوة قادمة خاصة في موضوع السفن، بشكل أكثر دقة، فليس هذا وقت تحقيق مكاسب سياسية، إطلاقا، على حساب غزة التي لا هدف لديها الآن سوى "رفع الحصار".
Nashat2000@hotmail.com