مروان المعشر وانحسار النفوذ الأميركي
السفير الدكتور موفق العجلوني
05-09-2021 08:51 AM
استوقفني ملياً حديث معالي الدكتور مروان المعشر والمنشور في صحيفة الايكونومست (The Economist) بتاريخ ٢٦/٨/٢٠٢١بعنوان: America’s declining influence in the Arab world
والمنشور أيضاً نقلاً عن الايكونومست في عمون الغراء بتاريخ ١/٨/٢٠٢١ بعنوان: انحسار النفوذ الأميركي في العالم العربي. رغم انني كنت أتمنى ان يكون العنوان زيادة النفوذ العربي على الساحة الأميركية. ولكن كما جاء في قوله تعالي، فاذا اصابتكم مصيبة فقولوا انا لله وانا اليه راجعون، فلا اعلم في اليوم والليلة عدد المرات التي يجب ان نعيد هذه الآية الكريمة ... بسبب كثرة مصائبنا في العالم العربي والتي لا تعد ولا تحصى، وينطبق علينا قول الشاعر:
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينــــا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانــــــا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانـا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ
وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانـــا
وكما أشرت لمعالي الدكتور مروان بعبارات حول هذا الحديث، بانه كلام في السياسة وعمق التحليل والتشريح يعلو ولا يعلى عليه وهو الذي يقف في السياسة على قمة جبل عال يشاهد الجهات الأربع غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً وهو صاحب الانتماء والولاء لبلده وقيادته والذي تعلمنا منه الدبلوماسية في السياسة الخارجية. ولا بد لي هنا ان اتوقف عند عناوين رئيسة في حديث الدكتور المعشر والذي يحتاج الى وقفات ووقفات واخذ العبر والدروس واستشراف المستقبل السياسي لعالمنا العربي، والى هؤلاء اللاعبين الكبار الذي أكلوا الاخضر واليابس ودمروا الانسان والعمران وعبروا عن وحشيتهم ومطامعهم الدنيئة والتي تفتقر الى ادني مشاعر الإنسانية، وها هي الوقائع تكشف حقائقهم، وبعد عشرون عاماً، لم يتم تعريتهم لا من اليابان ولا من فيتنام ولا من الصين ...كانت فقط من طالبان.
يُبْحر بنا الدكتور المعشر من خلال بارجة فكرة الغني والذي يحمل كل كاميرات السياسة وأجهزة الرصد الفكري و و كشافات السياسة في عباب هذا العالم حيث يقول:
•تميل الولايات المتحدة إلى التدخّل في الدول، سواء في العراق أو أفغانستان أو أماكن أخرى، ثم تفشل في تحقيق أهدافها، فتنسحب على عجل، مخلّفةً وراءها موجةً من الفوضى العارمة التي يتعيّن على السكان إما التخبّط للخروج منها، أو التعايش معها.
•تشهد الأركان الثلاثة الراسخة للسياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، وقوامها: الاستقرار ... وإسرائيل... والنفط ...تغيّرات متسارعة تعجّل من وتيرة هذا الانحسار.
•فشل السلام الأميركي في إحلال السلام في الشرق الأوسط، والدول العربية تعبت بدورها من أن يُفرض عليها السلام فرضًا من دون مراعاة مصالحها.
•باتت الفجوة التي تفصل بين أميركا وشركائها العرب أوسع من أي وقتٍ مضى، نتيجة المساعي العقيمة المستمرة منذ أكثر من عقدَين من الزمن من أجل تحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ونتيجة الحرب الكارثية في العراق، ناهيك عن تفضيل الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران على حساب مصالح الدول العربية.
•فشل السياسة الأميركية في العراق (وأفغانستان)، بات الأميركيون ينظرون إلى المغامرات العسكرية غير المحسوبة في الخارج، وإلى مختلف أشكال الانخراط في سائر الدول عمومًا، بمزيدٍ من الشك والحذر.
•اعتبر معظم العرب أن احتلال العراق شكّل تدخّلًا سافرًا في شؤونهم، وانتهاكًا لسيادتهم، لا بل لكرامتهم. ولم ينظروا إلى صدام حسين كديكتاتور غاشم، ، بل كزعيم أراد أن يعيد إلى الأمة العربية عزّتها و كرامتها .
•لم تعد الاستراتيجية القائمة على دعم الحكّام المقرّبين من الأنظمة ، من أجل الحفاظ على الاستقرار الإقليمي خيارًا مُجديًا.
•أثبت التدخّل الأضيق نطاقًا في ليبيا وسورية، عبر استخدام وكلاء محليين بشكل أساسي، أن القوة العسكرية لا تكفي وحدها لتحقيق الاستقرار.
يضيف الدكتور المعشر، تميل الرئاسة الأميركية الحالية إلى اعتماد سياسة قائمة على ترك بعض "المهام غير منتهية"، كما أظهرت السنوات العشرون الماضية. فهي تتدخّل في الدول، ثم تفشل في تحقيق أهدافها، فتنسحب على عجل، مخلّفةً وراءها موجةً من الفوضى العارمة التي يتعيّن على سكان الشرق الأوسط إما التخبّط للخروج منها، أو التعايش معها ضمن ظروف أقسى بكثير من السابق. وخير دليل على ذلك انسحابها من أفغانستان، حيث تخلّت واشنطن عن حلفائها من الأفغان، ليواجهوا مصيرهم تحت رحمة طالبان. ونفس السياسة تنتهجها تجاه "عملية السلام" بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. لا بل أسوأ من ذلك، حيث منحت إسرائيل الغطاء اللازم لترسيخ احتلالها وإنشاء نسختها الخاصة من نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، على أساس نظامَين قانونيَين منفصلَين وغير متساويَين أحدهما يُطبَّق على الفلسطينيين، والآخر على الإسرائيليين. علاوة على صفقة القرن ونتائجها: نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ومنح مباركة أميركية للقرار الإسرائيلي بضم المدينة، ووضع خطة سلام حرمت الفلسطينيين من حلمهم بالاستقلال – دليلًا إضافيًا للرأي العام العربي على أن الولايات المتحدة لا تأبه بمصالحهم، بل تسعى بشكل مباشر إلى تقويضها.
بنفس الوقت ساهمت علاقة نتنياهو وترامب في تعميق الانقسام بشأن تأييد إسرائيل في الداخل الأميركي. وما كان في الماضي توافقًا واسعًا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على دعم إسرائيل بات اليوم قضيةً خلافية في حروب أميركا الثقافية. حيث أظهر استطلاع أجرته جامعة ميريلاند في العام 2018 أن 64 في المئة من الأميركيين سيفضّلون تحقيق المساواة الكاملة للفلسطينيين بدلًا من استمرار وجود إسرائيل كدولة يهودية، في حال استحالَ تطبيق حل الدولتين.
ويخلص الدكتور المعشر بالقول:
•أن الوسائل القديمة التي لطالما لجأت إليها الدول العربية للحفاظ على السلم الاجتماعي لم تعد فعّالة بعد الآن، وعلى رأسها القبضة الأمنية المشدّدة، والإعانات المالية، ووظائف القطاع العام.
•تحاول هذه الدول الصمود متمسّكةً بتكتيكات قمعية وشرسة لا تلقى ترحيبًا في صفوف الشركاء والداعمين الغربيين المحتملين. ونظرًا إلى أن روسيا والصين وتركيا لديها كلها نوازع سلطوية، من المستبعد جدًّا أن يسهم أيٌّ منها في تحقيق الانفتاح السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي الذي تحتاجه الأنظمة العربية.
وبالتالي من أجل تحقيق الاستقرار في العالم العربي. يحتاج القادة إلى الاستعانة بأدوات جديدة وشاملة للجميع:
oتقود الى تحقيق العدالة الاجتماعية
oإنشاء أنظمة اقتصادية تستند إلى الجدارة وتَعِدُ بإرساء السلم الاجتماعي
oتوفير حياة أفضل للمجتمع .
ما هو الحل ...؟؟؟
يخلص الدكتور المعشر بالقول ان الحل لا يمكن إحداثه من خلال التموضع مع الصين أو الاعتماد على روسيا أو التحالف مع إسرائيل، ولكن من خلال تطبيق عملية إصلاح وطنية وجادّة وتدريجية. يبدو واضحًا إذًا أن هذه المهمة ستقع من الآن فصاعدًا، وأكثر من أي وقت مضى، على عاتق الدول العربية نفسها نتيجةً للانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط. ولا بدّ للقادة العرب أن يدركوا أن بقاءهم في الحكم رهنٌ بإجراء الإصلاحات الضرورية، ولا بدّ للشعوب العربية أن تستخدم الوسائل السلمية للدفاع عن حقوقها على نحو أكثر حزمًا.
والسؤال الأخير الذي يطرحه كل مواطن عربي، هل سيكون امل في صحوة عربية عربية في ضوء ما يجرى على الساحة الدولية من تموضع وانحسار للاعبين الكبار بالاهتمام بشؤونهم الخاصة وشعوبهم ...!!! هل هنالك من إشارات او اضاءات او تحركات على ارض الواقع على الساحة العربية في توحيد الصف العربي والعمل على رأب الخلافات العربية العربية تجاه ما يعاني من أزمات ... !!! ففي الوقت الذي نتطلع فيه إرساء دعائم السلام في الشرق الأوسط ، وخاصة الدور الذي تقوده الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله سواء على الساحة الأميركية مع الرئيس الأميركي بايدن او الروسية مع الرئيس بوتن او مع اخوانه الرئيس المصري السيد عبد الفتاح السيسي و رئيس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي او إخوانه الزعماء العربي ،تخرج علينا بكل اسف و حزن ازمة جديدة في مغربنا العربي بين الجزائر والمغرب ، هذه الازمة التي تهدد مغربنا العربي الشقيق ، هذا المغرب الرديف لمشرقه العربي والذي ضحى بالملايين حتى حصل على استقلاله ، واصبح المثل والقدوة لكل مواطن في هذا العالم العربي من مشرقه الى مغربه و من شماله الى جنوبه.
والمؤسف حقاً، لم يلاحظ أي تحرك عربي لوقف تأزم العلاقات بين الجزائر والمغرب، باستثناء تصريحات هنا وهناك لم ترقى الى مستوى الحدث. الامر الذي قد يكون له عواقب وخيمة ليس فقط على عالمنا العربي، وانما على امن منطقة البحر الأبيض المتوسط وكافة الدول المشاطئة، الامر الذي سيكون له تداعيات وتدخلات للاعبين كبار، كل حسب مصالحة الخاصة.
وبالتالي بسبب وشائج العلاقة الأردنية الأخوية مع كل من الشقيقة الجزائر والشقيقة المغرب، ربما يقوم الأردن وبتوجيهات جلالة الملك بتشكيل وفد رفيع المستوى برئاسة سمو الأمير الحسن وعضوية كل من دولة طاهر المصري ودولة فيصل الفايز ودولة عبد الكريم الكباريتي ودولة عون الخصاونة ودولة عمر الرزاز بالتوجه فوراً الى كل من الجزائر والمغرب، ومحاولة إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين الى سابق عهدها وحل الخلافات بالطرق الأخوية.