(كم أتمنى تغيير إسم الرابطة ، وذلك لفقدان الروابط الفنية بين أعضاءها ، ولكثرة الروابط الفيزيائية فيما بينهم ، فقد أصبحت تربط الأعضاء أكثر من أن تفك عقدهم )كنت حيادياً وأنا أحضر إنتخابات رابطة الكتاب، لم أفرح لمن فاز ولم أغضب لمن لم يحالفه الفوز ، أقول الفوز وليس النجاح ، فالكاتب ينجح بما ينتجه من إبداع ، أما إدارة الرابطة ، فهو عمل غير إبداعي ، بما للإبداع من مكانة في فن الكتابة .
بعد ذلك تعجبت مرتين
المرة الأولى : الفرح العارم الممزوج بالنصر العظيم للفوز ، كان يظهر ذلك على
فرائص الناجحين من الكتلة الفائزة ، القُبل الكبيرة ، وارتجاف الشفاه
والشد على الأيدي ، والغمز بالعيون وإرتفاع شارات النصر
بالأصابع المنفرجة .
قلت لنفسي ( ياحرام الأردنيون مساكين يفروحون لصغائر الأمور ،
وبالوقت ذاته يغضبون ويحمقون لذات الصغائر) أي شيء يرضيهم
وأي شيء يغضبهم ، وهذا مانطبق على الكتلة الأخرى التي لم يحالفها
الفوز العظيم .
المرة الثانية : الغضب الكظيم الذي غطى الوجوه والقلوب ، لمن لم يفزوا ، وكأنك
ترى وتسمع لسان حالهم يقول ( راحت الرابطة ) الشعور بالهزيمة
الموجع ، والشعور بالإحباط تأبط كل من لم ينجح وكذا من مؤيديه .
لست عضواً في الرابطة بقدر ماأنا إبنها ، منذ تأسيسها الذي كان واجب وطني آنذاك وإلى اليوم وأنا أتابع إنتخاباتها ونشاطاتها ، شابت الرؤوس وانحنت الظهور وتغيرت السحن و الأشكال ، ودخلها شبان جدد ، ولكني لم أر شيئاً في داخل الرؤوس قد تغير ، ولم أر إبداعات خارقة قد ظهرت ولم ألاحظ مدرسة نقدية أو كتابية قد تجلَّت ، مازالت الأصوات المبحوحة هي هي ، هؤلاء عملاء وأولاءك عصابيين ، كلٌ يشي الآخر .
نعرف ملفاتهم واحداً واحداً ، كلٌ يشي الآخر ، منذ متى صار وطنياً ، ومنذ متى صار كاتباً ، نعرف الجهات التي تقف وراءهم ، أَدخلوا لنا أُناس ليس لهم علاقة بالكتابة إلى الرابطة، كلُ يصف الآخر .
مايعجبني في الرابطة شيء واحد على الأقل ، بأنها عينة ممتازة للبحث والدراسة والتشخيص ، فمن خلالها تستطيع فهم :
ـ نمط تفكير الشعب الأردني بمجمله ، ( من الهبيلة حتى الفهلوي مروراً بالصادقين الجديين) الذين لاتكاد تراهم إلاَّ بحيادية مُعقدة .
ـ نمط تفكير المعارضين ( وليس المعارضة تماماً ).
ـ نمط تفكير الإدعاء بالديمقراطية . وهذا لا يعني بأن ليس هناك من يتحلى بالفهم
الديمقرطي وهم أيضاً ندرة .
ـ نمط فهم ( فكرة التحالفات ) وهي على العموم تحالفات وهمية تقوم على الشللية
والحسابات الضيقة المُعتمدة على قصر النظر والمدى.
ـ حراك كوميدي بين ( قوى ) الرابطة الوهمية ، كأن يتبنى هذا شعار ذاك ، وذاك
يتبنى شعار هذا ، وهذا يضع شعاراً لصد التهمة وليس لتبني ذلك الشعار ، وذاك
يتبنى ذات الفعل .
ـ كل شيء جائز ولوكان في الكواليس ، التهم جاهزة ومُفصلة ، وكثير منهم يدعي الإثبات على الآخر بما لديه من حقائق ،مع أنه يختلق كل ما يدعيه
ـ باختصار كل شيء حاضر إلاَّ فكرة الإبداع ،
( الرابطة للجميع) ، وانا لا اعرف ماذا تعني كلمة الجميع .
( نحو تعميق الفكر القومي في الثقافة العربية ) ، شعار كوميدي مغلوط ، من الممكن أن نقول ( نحو تعميق الفكر القومي العربي في الثقافة ) أو نقول ( تخفيف الفكر القومي في الثقافة العربية ) فالثقافة ليست فقط عربية فهي فعل كوني معرفي ، لا علاقة له بالأجناس والأوطان بما لشموليتها من معنى .
ناهيك عن شعار الكرامة والعيش الكريم ، شعار ينطبق على الأوادم والحيوانات والأشجار ، كرامة المُبدع بما يجترحه من إبداع ، يقول رسول حمزاتوف ( لا يلزم الكاتب إلاَّ ورقة وقلم ) فالكرامة مرتبطة بفرديته كما هو إبداعه ، أما العيش الكريم هو نضال سياسي مركب ينخرط فيه المبدع مع طبقات وفئات إجتماعية يعرفونها الكتّاب جيداً .
المحصلة : لا التيار الديمقراطي ضد عودة القدس ولا تيار القدس ضد الديمقراطية .
تسميتان لا معنى لهما لتيارين متصارعين( لاحظوا كيف حصل رئيس الأقلية الناجحة على أكثرية الأصوات ولم يحصل رئيس الأكثرية الناجحة على أكثر الأصوات ) .
ختاماً
هناك فكرة فنتازية ( آه لو ينتخبوا القراء ، وأقصد قرّاء هؤلاء الكتّاب )
لكان الحضور شبه معدوم كما هي ندوات الرابطة ، ولنجح غير ما نجح . وأردن
( ياحبة عيني )