الحكومة تنتهك مدونة السلوك الاعلامي
فهد الخيطان
20-06-2010 04:36 AM
خطة للترويج للانتخابات تحول وسائل الاعلام الى ابواق حكومية
اطلقت الحكومة امس خطة اعلامية للانتخابات النيابية تهدف الى دفع اكبر عدد ممكن من المواطنين الى التسجيل والمشاركة في الانتخابات كما تتبنى الخطة هدفا آخر وهو الترويج لقانون الانتخاب المؤقت.
وهذه بالطبع اهداف مشروعة بالنسبة للحكومة, لكن بعض ما ورد في الخطة يشكل انتهاكا صريحا لبنود مدونة السلوك الاعلامي واعتداء على حرية وسائل الاعلام.
فالخطة تقرر سلفا ان »الصحف اليومية الرسمية« والصحافة الاسبوعية هي اداة تنفيذية عليها واجب الترويج والحشد والتحفيز على المشاركة وفوق ذلك الترويج لقانون الانتخاب.
ابتداء لا نعرف المعنى المقصود بالصحف اليومية الرسمية وما هو المعيار القانوني الذي على اساسه يتم تقسيم الصحف الى رسمية وغير رسمية. ان مشاركة »الضمان الاجتماعي في رأسمال بعض الصحف لا يعني انها مملوكة للحكومة وتأتمر بأوامرها. وعلى حد فهمي فإن كل صحيفة مرخصة وفق القانون هي صحيفة رسمية وقانونية الفرق بينها هو في توجهاتها وسياساتها وهذا هو حال الصحف في العالم كله اما في الاردن فإن وسائل الاعلام تندرج في خانتين الاولى ما يعرف بالاعلام الحكومي وتمثله وكالة الانباء »بترا« ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون وما تبقى اعلام خاص بيومياته واسبوعياته ومواقعه الالكترونية.
الخطة تضع الجميع تقريبا في سلسلة واحدة وترسم لهم دورا واحدا يذكرنا بزمن الاعلام الشمولي. ولقد كان تشكيل اللجنة الاعلامية بحد ذاته دليلا اضافيا على النظرة الشمولية لدور الاعلام.
اسوأ ما يمكن ان يحصل هو ان تتحول الصحف اليومية الى اداة حكومية خاصة في مرحلة الانتخابات لأن اسلوب الحشد في الاعلام يعني التركيز على الايجابيات وتضخيمها وغض النظر عن السلبيات الامر الذي يفقد الصحافة دورها الرئيس وهو الرقابة على اعمال الحكومة.
حكومة الرفاعي اصبحت تتبنى هذه النظرية بشكل رسمي وعلني وتنتهك ما التزمت به من قبل في مدونة السلوك من احترام لحرية التعبير والنقد.
دفع الناخبين الى المشاركة في الانتخابات يتطلب وجود اعلام حر ومستقل يحظى بالمصداقية والثقة التي تؤهله لاقناع الناس بالمشاركة, اما التطبيل والتزمير فلن يغير في السلوك العام, لا بل انه يؤدي الى ردة فعل عكسية.
لا احد يريد للحكومة الفشل في تنظيم الانتخابات المقبلة والكل يطمح بمشاركة واسعة في اجواء نزيهة وشفافة, لكن ذلك يتطلب اعتماد اساليب مهنية لتحقيق هذه الغايات.
وحتى الاعلام الحكومي يستطيع ان يلعب دورا مختلفا هذه المرة فالمطلوب ليس خطابا تعبويا, وانما ندوات وحوارات وتقارير تناقش ظاهرة العزوف عن العمل العام والمشاركة بحيث يتحول التلفزيون والاذاعة الى منابر للنقاش الوطني الحر حول التجربة البرلمانية وظروفها وملابساتها يشارك فيها كل الوان الطيف السياسي.
الوعي بأهمية المشاركة السياسية والديمقراطية يتشكل بالممارسة وليس بالمواعظ والحملات او مصادرة الحريات الاعلامية تحت مسمى المصلحة الوطنية العليا.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)