الإصلاحات السياسية والاقتصادية والادارية!
باسم سكجها
31-08-2021 09:57 PM
من الطبيعي، ألاّ تنصب اهتمامات المواطنين الأردنيين، على مخرجات اللجنة الملكية السياسية، باعتبارها لن تحمل تأثيراً يُلمس على حياتهم اليومية، لا اليوم ولا غداً، ولا حتّى قبل فترة قريبة من الزمن، وبالضرورة، فإن الاهتمامات تنصبّ على واقعهم، من وضع الغذاء على طاولة الغداء، مروراً إلى أسعار الوقود وغيرها، ووصولاً إلى تأمين وسائل رزق جديدة، للمعطلين عن العمل، تؤمّن الرمق الأبسط من العيش الكريم.
من نافل القول، إن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ليست مكلّفة، ولا مؤهلة، للتعامل مع ذلك الواقع، ومهمّتها سياسية واضحة، وهذا كلام ينبغي الافصاح عنه منها، قبل خروج توصياتها، لا لتبرئة ذمّة اعضائها فحسب، بل لتوضيح أن رؤية الملك كانت دوماً تضع كلّ عناصر الاصلاح في رزمة واحدة.
فإصلاح سياسي، تصل من خلاله أحزاب الى مجلس النواب، وتتحالف مع آخرين داخله، وتشكّل حكومات، سيظلّ ناقصاً إذا وجدت هذه الحكومات المستقبلية نفسها مشلولة أمام واقع إداري بيروقراطي مُقعد، ومجلس نواب منتخب على أساس سليم، سيظل محكوماً بواقع لا يمكن تجاهله، حيث الاقتصاد المريض، وضرورة تعافيه في أن تشارك في قراراته قوى أخرى، أهمها القطاع الخاص، وهذا يعاني أيضاً من تشتت، وفي مطلق الأحوال، فالأهواء والأجواء قد تكون متناقضة، بين كلّ الأطراف، حتى لو صدقت كل النوايا.
هذا ليس حديث تشاؤم، لا سمح الله، بل هو توصيف لواقع نريد جميعًا الخروج منه، فإذا كنّا اليوم، الفاتح من أيلول، نعود إلى الفتح شبه الكامل لحياتنا بعد ثمانية عشر شهراً من تأثيرات وتداعيات الوباء اللعين، وهذا إنجاز محترم، فعلينا بالتالي، ونحن نضع القطار على السكة من جديد، أن نُغلق الثغرات، ونتجاوز المطبات، ونقف أمام المحطات، وصولاً إلى المبتغى: الأردن المتجدد.
وليس سراً، أن الملك أعلن في يوم واحد عن قرارين: تشكيل اللجنة السياسية، وتكليف الحكومة بتقديم خطة اصلاحية اقتصادية، وما بعد ذلك فقد واصل التأكيد في كل نشاطاته المحلية على الاصلاح الاداري، وهكذا، فنحن الان أمام ثلاث أذرع لعملية إعادة بناء، أو في القليل: ترميم اساسات البناء، لإنشاء التالي فوقه، في أردن القرن الثاني، من عمر الدولة المديد.
في تقديرنا، أن اللجنة السياسية الملكية ستقدم أحسن ما عندها، بانتظار آراء الآخرين، وأن الأردنيين ينتظرون ببالغ الشغف تطبيق خطة الحكومة الاقتصادية، ضمن أقصى الممكن، ليبقى الصلاح والاصلاح الاداري، الذي سيشكل المعضلة الأساسية، فبدونه لن يكون لنا أن نشهد إلا حالك سرّ!
ما نقوله، باختصار، إن الأردن المتجدد، لا بدّ أن يضع المشاركة الكاملة لمواطنيه في صنع حياتهم ضرورة قُصوى، وهذا هو السياسي في الأمر، وأن يتحقق لهم أبسط سبل العيش الكريم، وهذا هو الاقتصادي، أما حول الإداري، فالحديث يطول، ويطول، ولعلّنا نعرف قريباً طريقة انتاج ثورة بيضاء في هذا الشأن، وللحديث بقية!