روحُ الحرية أم روحُ العبودية
القس سامر عازر
31-08-2021 11:08 AM
عانت شعوب الأرض وما زالت تعاني من السَّعي نحو الحرية. وكثيرة منها ما زالت تناضل من أجل نيل حريتها بكامل جوانبها، فالحرية نعمة من نعم الله على البشرية، وقد خُلقنا لنكون أحراراً لا عبيداً، وهنا نستذكر قول الخليفة عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً". ولكن العبودية ظاهرة بشرية قديمة وقد اتخذت أشكالاً وأنواعا مختلفة ومنها الرق والإستعمار واحتلال الشعوب واستبعادهم، ولكن تأبى النفس البشرية إلا أن تتحرر من كامل قيود العبودية التي تُكبِّل حياتَها وتسلبَها أعظم نعمة ربانية أنعم بها الله على خليفته لتعيشَ في روح البنُّوة الإلهية وليس بروح العبودية.
فالعبودية تنزع من الإنسان إرادته وتستغله وتذله لا وبل تجرده من إنسانيته، وتجعل منه أداة بشرية في خدمة أسياده ليس إلا. والعبودية في عالم اليوم موجودة بأشكال جديدة كالإتجار بالبشر والمتاجرة بالأعضاء البشرية أو استغلال حاجة الناس المادية وضيق عيشهم لغسل أدمغتهم بأيديولوجيا معينة تخدمُ أصحابَها.
ورسالتنا في الحياة أن نناضل ونحافحَ من أجل حرية الشعوب وحرية الأفراد، فليس أفضلَ من أن يتمتع الإنسان بكامل حريته التي ترتقي إلى الحرية المسؤولة، وهي الحرية التي يحتاجها المجتمع للبناء والإنجاز، فبدون مثل هذا الشعور ولا كل قوى الدنيا تقدر أن تحفِّزَ الإنسانَ أن يكون منتجاً ونافعا بالقدر المطلوب. فرغم أن القوانين والأنظمة والتعلميات تساعد وتوجه لكنها لا تحفِّز، فالحافز الوحيد هو أن يشعرَ الإنسان أنه يعمل ويعطي ويقدم بملئ إرداته وبقاعته بالكامل، وهذه العقيدة هي أقوى عقيدة في الحياة للوفاء والإخلاص والإنجاز.
ولذلك نحتاج أن نحرر العقول والقلوب مما يُكبّلَها ومما يُعثِّرَ مسيرتها ويسلب كامل طاقتها وقوةَ تفكيرها ومنطقها، فتستعيد قوة نشاطها وتشعر بإنسانيتها التي أرادها الله أن تكون عليها، وتنطلق نحو ما ينسجم مع قيم الحرية من عدالة ومساواة وتحقيق المصير، وتعمل جاهدة لمحارب روح العبودية، وروح الجهل وروح التخلف وروح الإستبداد والإستغلال.
دعوتنا في الحياة أن نسعى لتحرير حياتنا من قيود الإٍستبداد والمادة والشر والأفكار الظلامية واكتشاف ذواتنا كأبناء الله الساعين نحو الحرية حتى ولو تعرضت حياتنا للآلام في سبيل ذلك فهي توصف بالآلام المقدسة، وهي الآلام التي من خلالها يتمجد الإنسان.