عن استخراج النحاس: أولوية الموازنة بين البيئة والاستثمار
د. زيد نوايسة
31-08-2021 09:49 AM
عادت فكرة استخراج النحاس من منطقة فينان وخربة النحاس وجزء من محمية ضانا للنقاش العام خلال الأسابيع الماضية؛ لعل من نافل القول ان فكرة استخراج الثروات الطبيعية؛ كانت حاضرة دائماً في مطالبات النواب والمواطنين خلال السنوات الماضية.
ربما لا تكاد تمر جلسة مناقشة لبيان أي حكومة لمنحها الثقة أو مناقشة الموازنة العامة للدولة إلا وتعالت الأصوات المطالبة باستخراج الثروات المعدنية ومنها النحاس لرفد الخزينة العامة وتنمية المنطقة وسكانها؛ أحياناً كان التشكيك هو السائد غالباً في معرض السؤال عن سبب التردد الحكومي عن البدء في عملية التنقيب والاستخراج.
خصوصية التنقيب في منطقة تمتلك ميزة بيئية وسياحية ليس فقط في الأردن بل في المنطقة من ناحية كونها أكبر محمية طبيعية تقارب مساحتها 320 كم وتعتبر موطنا لمجموعات كبيرة من النباتات البرية والحيوانات النادرة والمميزة والمهددة بالانقراض وتعتبر ضمن أهم عشر محميات بيئية عالمياً؛ استدعت ردة الفعل الغاضبة من الجهة التي تدير المحمية وهي الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بالإضافة لأصوات الناشطين والمدافعين عن البيئة وهذا امر طبيعي ويمكن تفهمه وهو ضروري بنفس الوقت ودلالة على حيوية المجتمع.
استمعت لرد وزير البيئة معالي نبيل مصاروة على تصريحات الجمعية الملكية لحماية الطبيعية في رفضها اقتطاع أي جزء من محمية ضانا إذ أكد عدم وجود أي اقتطاع لهذه اللحظة وأن مهمة الوزارة تتمثل في تعديل حدود المحمية سنداً للتشريعات وتشكيل لجنة ممثلة لوزارات البيئة والزراعة والمياه والطاقة والجمعية الملكية لحماية الطبيعة والاسترشاد برأي الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعية وفي حال الاقتطاع ستقوم الحكومة بتقديم ارض للمحمية بنفس المساحة والشروط والمواصفات البيئية.
الوزير أجاب مبدئياً على كل الهواجس ودواعي القلق على محمية ضانا والمهم الآن انتظار نتائج تقرير اللجنة الفنية التي ستشكل والاستماع لآراء الخبراء المحايدين من خارج اللجنة ايضاً وقبل كل ذلك التأكد من جدوى الاستثمار ووجود مستثمرين.
الجانب الآخر الذي يجب التوقف عنده هو ما نشرته صحيفة «الغد» في تقرير الصحفية فرح عطيات في تقريرها « نحاس ضانا يثير أسئلة مياه التعدين» إذ يشير التقرير وبناءً على آراء خبراء أن المشكلة ليست في الاضرار البيئة بل في كميات المياه التي تتطلبها عملية التعدين فقد تحتاج عملية تعدين 50 ألف طن من النحاس لحوالي 11 مليون متر مكعب وقد تصل لحوالي 25 مليون متر مكعب وأعتقد أن هذا يجب أن يؤخذ في الحسبان لأن الذهاب للطريقة الأخرى في عملية الاستخراج وهي الحرق له آثار بيئة وصحية سيئة.
موضوع بهذه الأهمية يستدعي النقاش الهادئ المسؤول بوحي من المصلحة الوطنية وهي في هذه الحالة الموازنة بين أهمية المحافظة على محمية ضانا بما تمثله من تنوع بيئي وحيوي وسياحي والشروع في عملية الاستثمار في استخراج النحاس لما تحتويه مناطق ضانا وفينان وخربة النحاس من احتياطي كبير يصل حسب التقديرات الرسمية حوالي 42 مليون طن في منطقتي فينان وخربة النحاس فقط وما سيحقق من عوائد مباشرة للخزينة العامة بعشرات الملايين بالإضافة لرسوم تعدين وتوفير 2500 فرصة عمل على الأقل قابلة للزيادة مع تطور المشروع وتنمية المناطق المحيطة.
حتى الآن الحكومة تتعامل مع هذا المشروع بمنهجية واضحة تستند لفكرة مفادها مراعاة التوازن بين البيئة والاستثمار دون إعطاء افضلية لواحدة على أخرى وهذا استهلال مبشر ويمكن البناء عليه.
الغد