هل يتكرر السيناريو الأفغاني في فلسطين؟
داود عمر داود
26-08-2021 01:24 PM
الأحد 15 آب أغسطس 2021، يوم إنهيار الإحتلال الأمريكي لإفغانستان، سيكون يوماً لا يُنسى في وجدان قادة إسرائيل، حيث دب الخوف في أوصالهم خشية أن يتكرر نفس السيناريو الأفغاني معهم في فلسطين. وصاروا يتخيلون أن تتصدر عبارة (فلسطين مقبرة الغزاة) عناوين الصحف ووسائل الإعلام. وزادهم إحباطاً تخيل مشهد المحتلين و(المتعاونين) وهم يتدافعون للدخول إلى مطار بن غوريون لركوب طائرات (الإجلاء) على أمل النجاة بأرواحهم. غير حشود المستوطنين الذين تكتظ بهم مدن الساحل الفلسطيني، مثل يافا وحيفا وعكا وغيرها، بانتظار السفن التي ستعيدهم إلى حيث جاء أجدادهم.
حالة ذعر تصيب الإحتلال:
لقد اجتاحت المؤسسة الأمنية الصهيونية حالة من الذعر فور توارد الأنباء من أفغانستان بانهيار حكومة كابول وجيشها ودخول طالبان الى العاصمة بدون قتال. وتعزو إسرائيل مخاوفها إلى تعاون (حركة حماس) مع (حركة طالبان)، خاصة بعد المكالمة التي أجراها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي في حماس مع نظيره في طالبان الملا عبد الغني برادر، لتقديم التهئنة بـ (هزيمة الإحتلال الأمريكي). وتعبر الأوساط الأمنية الإسرائيلية عن قلقها من أن تجد الأسلحة التي غنمتها طالبان من الجيش الأفغاني طريقها إلى غزة.
أما الأوساط السياسية الإسرائيلية فليست أفضل حالاً من المؤسسة الأمنية فهي التي وضعت مصير الكيان بيد الولايات المتحدة الأمريكية التي يقول المحتلون أنها بإستكمال إنسحابها من الشرق الأوسط، خاصة من سوريا والعراق، سوف تتسبب (بزعزعة المحيط القريب جداً من إسرائيل). وقد نقل المسئولون الإسرائيليون مخاوفهم إلى إدارة بايدن.
نفي خجول من طالبان لعلاقتها بحماس:
رغم مكالمة التهنئة والصورة المنشورة لهنية وبرادر، وبيان حماس لفحوى الإتصال الهاتفي بينهما، إلا أن الناطق بإسم طالبان نفى (وجود اي تعاون مع حركة حماس في أي منطقة). لكن مصادر إسرائيلية أكدت أن هنية وبرادر التقيا أكثر من مرة أثناء تواجدهما في الدوحة، وان علاقة شخصية نشأت بينهما. لذلك فإن التفسير الوحيد لهذا النفي الخجول من قبل طالبان أنها ربما ترغب أن تبقى على مسافة من حماس، في هذه المرحلة، حتى لا تختلط أوراقها على المستوى الدولي، في وقت ينصب تركيزها فيه على تسلم مقاليد الحكم في البلاد.
شماتة الإعلام الإسرائيلي بهزيمة أمريكا:
ساد الأوساط الصحفية والاعلامية في إسرائيل شعور بالشماتة نتيجة هزيمة الولايات المتحدة وفشلها في افغانستان. فقال أحد المعلقين أن أمريكا (فرت وذيلها بين رجليها، وأن الحلم الأمريكي قد تحطم). وقالت كاتبة صحفية (الهزيمة الأمريكية هناك كانت معروفة مسبقا، رغم اهدار الولايات المتحدة 2 ترليون دولار ومقتل 2400 من جنودها). وقال صحفي إسرائيلي رافق القوات الأمريكية يوم احتلت أفغانستان (عندما هُزمت طالبان سمعت عناصرها يقولون "سوف نرجع" فتعاملت مع كلامهم كأنه نكته وحلم بعيد المنال. لكن اليوم وبعد عشرين عاماً تبين أن كل ما قالته أمريكا وحلفائها هو النكته، وطالبان حققت كل ما وعدت به). وهذا يعيد إلى الأذهان غلاف مجلة التايمز الأمريكية، عام 2001 الذي حمل عنوان (الأيام الأخيرة لطالبان)، مع تصريح للملا محمد عمر قال فيه وقتها: (لقد وعدَنا الله بالنصر، ووعدَنا بوش بالهزيمة، وسنرى أيّ الوعدَين أصدق).
ردود أفعال متشائمة:
لكن المسئولين الإسرائيليين السابقين كانوا متشائمين في ردود أفعالهم. إذ قال الجنرال عاموس جلعاد أنه يتوجب على إسرائيل أن تفعل ما في وسعها (لمنع سقوط نظم الحكم في الأردن، ومصر، وأي نظام صديق آخر في المنطقة). بينما قال قائد لواء الأبحاث السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ان (هزيمة الولايات المتحدة على يد طالبان تدل على أن إسرائيل مطالبة بتقليص رهانها على الدعم الأمريكي). بينما قال وزير الحرب الصهيوني السابق موشي يعلون: أفغانستان بعيدة عنا لكن الانسحاب الأمريكي منها ستكون له تداعيات على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، وسيؤثر على أمن إسرائيل، وعلينا أن نستعد لواقع نكون مطالبين فيه بمواجهة هذا الخطر بانفسنا).
خلاصة القول: المصير المحتوم:
ولماذا لا يخشى قادة إسرائيل سقوط احتلالهم وتفكك دولتهم، وهم يرون بأُم أعينهم كيف تحطمت أعتى قوة عسكرية في العالم على صخرة صمود بسطاء أفغانستان وإيمانهم بالنصر على المحتلين؟ فلما لا يتكرر سيناريو أفغانستان في فلسطين، لتعود السيادة عليها إلى العرب والمسلمين؟ ولماذا لا يتحقق حُلمُ المرأة الفلسطينية العجوز التي خاطبت جندي الاحتلال، الذي ضايقها في باحات الأقصى، قائلة له: (إنقلع من هون)؟ ويوماً ما أن (سينقلع) المحتلون والمتعاونون من أرض فلسطين، فالذي نصر طالبان باقٍ وسينصر أهل فلسطين.