التعليم العالي: يحيا ويعيش الاموات ؟!
د. نجيب ابوكركي
25-08-2021 11:28 AM
ظاهرة تستحق التوقف عندها وإمعان التفكير أصبحنا نقدس تمجيد الاموات من المسؤولين في كل مجال وعلى كل المستويات عربيا أردنيًا محليا والمجالات سياسيا واقتصاديا و حتى أكاديميًا وبما أنني أعتبر أكاديميا فلنحلل هذا الجانب ومن فئة رؤساء الجامعات (السابقين) لنحصر تمحيصنا بهذه الفئة.
مواقع التواصل الاجتماعي مناسبة للافكار الطيارة وفشة الغل فعلينا ان لا نستغرب الافكار السطحية التي تمعن في اغراق رؤساء اللحظة وتفرط بتمجيد من غيبهم الموت من رؤساء الماضي وضمنا يعني ذلك ان رؤساء زمان (ومعظمهم قامات باسقة تماما كمعظم رؤساء اليوم) كانوا اداريين واكاديميين لا يشق لهم غبار ونوافق ذلك لو لم يكن المديح للاموات القدامى يأتي في سياق ذم للاحياء الجدد والمبررات كانت الجامعات بوقت تلك القامات الباسقة بلا مديونية و لا تجاذبات او تنافس محموم يحفزه ضعف التعليمات والوفرة في الرتب الاكاديمية والقامات الجديدة و.. و هنا منظرينا الافذاذ الكرام عليكم ان تخففوا من هذه الحملة وتتجنبوا السطحية والتسطيح حتى وان اطرب الجمهور الباحث عن الزمن الجميل وذلك للاسباب التالية: الرؤساء الجدد ورثوا اوضاعا مستحيلة فجامعات اليوم ليست باوضاع جامعات الامس جامعات الامس كانت تدعم وتمول من دينار الجامعات الذي يجمع عشرات الى مئات الملايين سنويا كانت تتقاسمها الجامعات وتلبي بها حاجات تطورها الجاري والطبيعي هذا كله لم يعد موجودا شطبه عبقري إدارة وتشريعات وقرارات على طريقة القصف العشوائي و دون بديل والى غير رجعة على ما يبدو مما أفقد الجامعات توازنها المالي ووقود تطورها في وقت تتزايد به التزاماتها بشكل صاروخي نتيجة الغلاء والضرائب التي تمسها مهما قيل والتضخم وازدياد عدد العاملين والزيادات (المبررة لا بل دون المستوى) لرواتبهم ثم ان البلد بما به من جامعات كان خاليا من الهيئات الجبائية (بحسب بوح أكثر من وزير) هيئات فقست لتضر بالجامعات واموالها وتوازنها المالي واولها هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها ولا يشك بطبيعتها الجبائية الا غير مطلع لذا اطلعه هنا ولينفي ذلك احد اضحت كل مادة تدرسها الجامعة وكل تخصص يتطلب رسوما. شيء بمستوى 580000 دينار من جامعة صغيرة ترزح تحت المديونية المعتقة ولا تجد رواتب عامليها. ذلك المبلغ مطلوب بالحاح وتحت التهديد رسوما مقابل استمرارية اعتماد مواد الجامعة التدريسية التي لا يسجل ببعضها احد عن 2018-2019 . هل هذا كل شيء بالطبع لا (للعلم جبائية تلك الهيئة كانت موضع امتعاض من وزيرين للتعليم العالي على الاقل بحضوري وحضور مسؤولي الهيئة وبقية رؤساء الجامعات) يومها سمع الجميع تعقيبا لي موجها للهيئة وعلى مسمع المعنيين بإدارتها ماذا تريدون هل نوقف شراء الطبشور ونحرم الجامعة وطلابها منه لنوفر لكم المبلغ؟ وهل تعتبرون هذا من متطلبات ومظاهر الجودة والتجويد التي تسعون لضمانها؟ وتلك ليست الهيئة الوحيدة هيئة تنظيم اخرى ارتفعت رسوم إقتناء احد أجهزة كلية العلوم بالجامعة الواقع تحت طائلة رعايتها المستحدثة ارتفعت من صفر قبل ولادة الهيئة الى خمسين ثم الى ثمانمئة دينار( في السنة قبل عشرين عاما) أي أكثر من المخصصات الجارية للمختبر المعني وتم اخبار الهيئة باستغناء الكلية عن الجهاز في الجانب الذي استوجب رسومهم فاشترطوا ان يتم اتلاف الجهاز باشراف احد موظفيهم وامام عينيه وتساءلنا هل يمكن الاحتفاظ به كقطعة بمتحف علمي يفيد الاجيال فرفضوا لا بد من اتلاف ذلك الجهاز الذي حصلنا عليه بشق الانفس كتبرع من المانيا نعم والجهاز هو اول محطة رصد زلازل تدخل الاردن وعملت من عام 1981 حتى ولادة الهيئة المعنية وهي تنظيم الاتصالات الرسوم 800 دينار مقابل ما مقدراه بضعة دقائق الى ساعتين تقريبا سنويا من التسجيلات الزلزالية عندما يحصل زلزال يسجل في محطتين واحدة في صويلح والاخرى في الجمعية العلمية الملكية تسجيلات تبث نحو المركز في قسم الجيولوجيا ليستفيد منه الطلبة والوطن . استغنينا عن محطتي صويلح والجمعية مما حرمنا من إمكانية تحديد مواقع الزلازل المسجلة كون التحديد يهدف لحساب ثلاثة مجاهيل على الاقل تتطلب 3 تسجيلات بالحد الادنى. بالتأكيد وفي العادة كتب رئيسة الهيئة موجودة في الدواوين ان كان في الدنيا خير. .. الامثلة اكثر من ان تسرد وما ذكرت هو عينات بسيطة. في الخلاصة رؤساء الامس كانوا يعملون بظروف الجنة نسبة لرؤساء اليوم رسوم المواد لم تتغير الدعم حقيقة تم ايقافه وما تبقى منه لا يغطي رواتب العاملين وهنالك من يتبجح ويقيم ويقعد ويقيل وينصب ويعد ويخطط استراتيجيات تخطيط الاستراتيجيات. وبعض الجمهور يمدح بأموات الامس لينهش بأحياء اليوم ويسيء للتعليم العالي برمته وبلا مبلاة. التعليم العالي يمكن ان يكون رافعة للاقتصاد الاردني ان تمكن من تطوير نفسه بالافكار الخلاقة واستقلالية الجامعات واسنادها بحمايتها من الجمود والتطفل والروتين وواضعي العصي في الدواليب دون تبعية ولا تكلف وعلينا ان نجرؤ قفزة تخليص التعليم العالي بإنقاذه من كل الحمولات الزائدة المعيقة لكل تقدم فيه كما تثبت الكثير من الوقائع والقرارات المسلوقة. ان رغبنا في وقف التدهور و استئناف التطور والتقدم والابداع الذي اثبت انساننا عموما انه قادر عل تحقيقه في كل المسارح التي لم ترزح تحث ثقل الوصاية واللابالية الثقيلة المضرة. حمى الله الاردن الهاشمي واعان كل الغيورين الحريصين على دعم تطوره وتميزه وازدهاره تحت ظل الراية الهاشمية وقيادة مليكنا الذي يصل الليل بالنهار تحفيزا لذلك الهدف النبيل. (إعذروني أيها الاحبة ما هذا الا غيض من فيض. النهج الذي إتبع بكواليس التعليم العالي خلال السنتين الماضيتين ليس صحيا وقد كلف الوطن الكثير (هذا رأيي أحاجج به مكافئ ارسطو). حيث أنه و في الخلاصة ليس كمثل المعيقات و العقبات الحالية التي تضعها الظروف و"بعض من تفرضهم الظروف من "ظرفاء" امام رؤساء الجامعات هذه الايام أيا كانوا. لن يصح الا الصحيح.