"أَوَلَا تخافَ الله"؟!، هذه كانت الجملة الصارخة التي وجهها أحد المجرميَن التائبين الذين صُلبوا مع المسيح عن يمينه وعن يساره على تل الجلجلة في القدس. ومعنى الجملة، ألا تخشى الله أيها إنسان وأنت تعرف بشاعة أعمالك وفظاعة جرائمك ومعاصيك المشينة فتتوب عنها وتطلبَ رحمة الله وغفرانه.
وهذه الجملة ما زالت من أهم الجمل التي نحتاج أن نقولها في عالم اليوم الذي أقل ما يقال فيه أنه افتقد إلى الإنسانية وإلى المحبة وإلى الروحانية وإلى القيم والمعاني السامية التي أرادها الله للإنسان ليحيا بها ويسمو بها ويناضل من أجلها. فعالمنا أصبح مسرحية يمثل فيها الواحد على الآخر ويكثر فيها المجاملات والوعود الكاذبة، ولكن سرعان ما تنتهي المسرحية وتتكشف الأحوال وتتعرى النفوس.
وربما كثيرين اليوم لا يخافون الله فيما تقترفه أياديهم وفيما يفعلونه من الإساءة للآخرين والتنكيل بهم وتشويه سمعتهم بطرق غير لائقة، بل يجدون فيما يفعلون خدمة لله وإرضاً له، وفي قرارة نفسهم يبتهجون ويسّرون لأنهم أشبعوا غرور نفوسهم وشهوتهم فلا يرون شرّ أعمالهم التي يقترفونها والتي تُغيط قلب الله.
كذلك أمثال هؤلاء همُّهُم في الحياة أن يسيروا وفق منهج ارضاء الناس على حساب الحق والعدالة، فيشهدون زوراً ويعطون وعوداً كاذبة ويلفون أقوالاً غير صحيحة، فخوفهم من الناس وعلى مناصبهم ومراكزهم ومما قد يقوله الناس بحقهم يدفعهم إلى فعل أي شيء في سبيل نيل رضاهم وقبولهم والتصفيق لهم، فيببيعون ضمائرهم وشرفهم ومبدأهم، ويظلمون غيرهم ويتجبّرون في الأرض بسلطان هو ليس لهم غير آبيهم بمخافةِ الله ورضاه، وبما قد يجره ذلك عليهم نقمة إلهية عادلة، فهو القائل " لا تنتقموا لأنفسكم، لي النقمة أنا أجازي يقول الرب" (رو 19:12).
إنَّ أفضلَ ما في الحياة هو إرضاء وجه الله سبحانه وتعالى مهما كلّف الثمن، ذلك لأنّه يعطي القلب سلاماً والضمير طمأنينة والنفس هدوء، فمن لا يخشى الله يعيشُ معذَّبَ الضمير ليلَ نهار، مفتقراً للشعور بالفرح والسلام والإطمئان، وحياتُه مهما ارتفعت ومهما علت ومهما اغتنَت فإنها ستسقط من نعمة الله ومن رحمة الله. وإيماننا القويم يُعلمنا أنه حتى من يقدر أن يفعل حسناً ولا يفعل فذلك خطيئة له.