كلما تناولنا موضوعا بيئيا للكتابة عنه منذ عقدين من الزمن كان ينبري البعض ساخرا متهما إيانا «بوسواس البيئة».. ونحن لنتعجب من هؤلاء الساخرين غير المطلعين على الحقائق والتقارير التي طالما أشارت إلى الخطر المحدق بالكرة الأرضية قاطبة إن لم تتخذ البشرية خطوات فاعلة للتخفيف من الاحترار العالمي بمقدار درجة ونصف مئوية عبر تحولات في الطاقة والصناعة والمباني والنقل والمدن، بحيث ينخفض مقدار انخفاض الانبعاث العالمي الصافي من ثاني أكسيد الكربون بنحو 45 % عن مستويات 2010 بحلول 2030 لتصل إلى صافي الصفر في حوالي 2050...
وهكذا بين الماضي القريب والحاضر الحالي لم يقدم على هذه الخطوة لحماية الكرة الأرضية من الأكاسيد إلا القلة القليلة من الدول بالرغم من مؤتمرات المناخ وتوصياتها المتوالية.. لكونها ليست بذات أهمية (وفق نظر بعضهم)..
وها قد قرع ناقوس الخطر فأصابت الكوارث البشر والشجر والحجر بمقتل مهددة جزرا وبلدانا وسواحل بالغرق وأخرى بالتصحر ومساحات شجرية خضراء بالاشتعال محولة إياها الى كتل من فحم اسود وكله من صنع الإنسان الذي رفع حرارة الارض «درجة ونصف فقط» فما بال لو زاد هذا الاحترار اكثر من ذلك؟
ناهيك عن الاوبئة المتفاقمة..
ومع ذلك اصر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عهده على الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ غير عابئ بالانبعاث الحراري وتوابعه الوخيمة الناجمة عن صناعات تضع الأرباح قبل الأرواح متجاهلة الرفق بالبيئة..
وها هو ينقلب المناخ رأسا على عقب بعد أن عبث الإنسان به طمعا.. فرد عليه عصفا بعد ارتفاع حرارة الأرض الى «الدرجة والنصف المئوية المخيفة» التي طالما حذر منها دوما الخبراء والمختصون ومحبو البيئة مطالبين بتخفيضها للخروج من عنق الزجاجة دونما نتيجة إيجابية تُذكر!
فماذا فعلت سلسلة مؤتمرات الأمم المتحدة العالمية بشأن تغير المناخ في كل أرجاء المعمورة التي تحضرها معظم دول العالم لمواجهة هذه المشكلة ومعالجتها؟
فهي ليست «مزْحة» فالتقارير الأممية تدق ناقوس الخطر وتحذر من تزايد ارتفاع درجات الحرارة مثل:
- الدول الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي قد تواجه خطر الانقراض.. خصوصا أن العالم معرّض لخطر تخطي درجة حرارة الكوكب الذي وضعه علماء المناخ!
حتى النحل تأثر بالتغير المناخي الذي ساهم بتخريبه البشر، لأن اختفاء الورود والأزهار بألوانها المختلفة ساهم بانقراض الخضراوات والمكسرات بنسبة 70%.. لموت النحل أو استنكافه عن نقل حبوب اللقاح منها وإليها فتنقرض المحاصيل..
فقد بدأت مشكلة النحل في 2006 عندما لاحظ المزارعون اختفاء النحل وموته بسبب المواد الكيميائية والتغير المناخي.. الخ..
فبين كابوس بيئي يلاحق النحل يبرز كابوس آخر (الحرائق) مهدِّدة الغطاء النباتي بأشجاره.. هذه الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو وتطلق الأوكسجين الحيوي لبقاء الإنسان على ظهر هذه البسيطة..
تُرى لو ركّز البشر فقط على جمع الأرباح من خلال صناعات غير رفيقة بالبيئة هل ستبقى أرواح تستفيد من هذه الأرباح؟
نشك بذلك..
(الرأي)