كل الدراسات الجيولوجية التي قامت بها سلطة المصادر الطبيعية (1966-2014) وبمشاركات بعثات أجنبية ألمانية شركة Otto Gold (1961-1964) وفرنسية شركة BRGM 1974-1975، وشركة انجليزية Seltrust(1985)، وكورية جنوبية Hanbo Group (1994) وجنوب افريقية Phelps Dodge عام (1999)، أكدت وجود تراكيز جيدة ومؤملة لخامات النحاس في ضانا، حيث وقعت الحكومة الأردنية في عام ٢٠١٦ مذكرة تفاهم مع شركة محلية للتنقيب عن النحاس وادي عربة، تمهيدا لاتفاقية لاحقة لتطوير الإنتاج في حال ثبوت وجود الخام بكميات تجارية، ومن ثم لحقتها اتفاقية أخرى وقعتها عام ٢٠١٨ لإجراء دراسات جدوى لاستخراج النحاس في محيط محمية ضانا (وادي عربة)، لكنها توقفت بشكل كامل في نهاية عام ٢٠١٩ بسبب البيروقراطية وتداخل الصلاحيات مع إدارة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة.
يقع النحاس في منطقة مختلفة عن المحمية ضمن اراضي وادي عربي، فينان (جنوب) وخربة النحاس (شمال)، والاحتيطات المتوقعة تشكل اكثر من 50 مليون طن نحاس مع سماكات تتجاوز المترين، وتراكيز تجارية تتجاوز 2.5%، حيث هذه المناطق تشكل مساحة 80-120 كم2، والتي لا يوجد بها اي نشاط بيئي للجمعية التي تدير مساحة تبلغ 292 كم2 ضمن محمية ضانا، وهذا سيحقق الظروف الصحيحة لإتمام دراسات الاثر البيئي والجدوى الاقتصادية حسب ﻤﻌﻴﺎر ﻧﻈﺎم ﺟﻮرك (JORC) من وتنفيذ اعمال الاستكشاف والحفر والتحليل، من خلال نموذج ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار في مرحلة التنقيب والاستكشاف، وبالتالي نستطيع خلال مدة زمنية محددة التأكيد الفعلي للاحتياطات التجارية او انهاء الاحلام نهائيا.
منطقة فينان في وادي عربة كانت موطنًا لأحد أوائل المجتمعات المتطورة (الأنباط) والتي ازدهرت خلال العصر الحديدي المبكر، حيث انتشرت المستقرات البشرية خلال العصر الحديدي في جميع أنحاء المنطقة، ممثلة هنا من خلال شبكة من ثلاثة مواقع: خربة النحاس وخربة الجارية وخربة الغويبة، حيث كان النحاس في العصر الحديدي يشبه إلى حد بعيد النفط اليوم، ولعب دورًا مهمًا في الصناعة والتجارة، وكذلك ساهم في تطوير المجتمع.
وازدادت ندرة النحاس، بشكل واضح منذ مطلع عام 2021، وفق ما أوردته شبكة سي إن بي سي، وهو ما قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النحاس إلى 13 ألف دولار للطن في السنوات المقبلة، بعد أن ارتفعت بالفعل إلى أعلى مستوى لها في عقد من الزمان بأكثر من 10 آلاف دولار أمريكي للطن هذا العام، على خلفية ارتفاع السلع العالمية الذي يغذيه التعافي. وسجلت أسعار النحاس، مستويات قياسية مدفوعة بالطلب المرتفع من قبل الصين، مع توقعات بمزيد من الصعود للمعدن الأحمر نتيجة نقص المعروض وتراجع المخزونات، وبلغ سعر النحاس 10260.50 دولارا للطن في بورصة لندن للمعادن.
يُعدّ النحاس عنصرًا مهمًا في استثمارات العالم ، ويمثّل توفيره هاجسًا للشركات العالمية، نتيجة المخاوف الناشئة من سلاسل توريد المواد الخام والقائمة على قلة الإنتاج، وعزّز توجه العالم لبناء مقياس "الطاقة الخضراء"، وحجم السوق العالمية، حسبما أوردت مدونة معهد بيكر الأميركي. من ناحية ثانية، يمكن لمراكز القوى في سلسلة قيمة النحاس أن تسهّل أهداف السياسة الصناعية الكبرى المتمثلة في التحكم بالشركات، وبموردي الأجهزة والتكنولوجيا الأساسيين، من أجل تطوير الطاقة الجديدة في جميع أنحاء العالم، وتشكّل هذه الديناميكيات القوة الدافعة لدورة النحاس الفائقة المحتملة، إذ يتعرض الإمداد العالمي لضغط كبير نتيجة طموحات الطاقة الخضراء، حيث تتميز أنظمة الطاقة البديلة بكثافة عالية لاستهلاك المواد الأولية، التي يُعدّ النحاس مكونًا رئيسًا لها؛ إذ يتطلب إنتاج كل ألف سيارة كهربائية تعمل بالبطارية نحو 83 طنًا متريًا من النحاس (أكثر من المركبات التقليدية بـ3 أضعاف، بحدود 23 طنًا متريًا). وتستهلك توربينات الرياح نحو 3.6 طنًا متريًا من النحاس لكل ميغاواط من المخرجات، والخلايا الكهروضوئية من 4 إلى 5 أطنان مترية لكل ميغاواط.
يشهد قطاع المعادن والتعدين نمواً كبيراً، وسيحظى هذا القطاع مستقبلًا بفرص نمو هائلة تماشياً مع خطة الطاقة 2030 للأردن ويجسدها توجه 'مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد الوطني بكامل طاقاته'. بالإضافة إلى ذلك تتجه الأردن لتبني تنوع صناعي واقتصادي كبير من شأنه أن ينمّي قطاعات صناعية كبيرة تسهم بجذب الاستثمارات التكنولوجية في جنوب المملكة والعقبة الاقتصادية خصوصا، تعزز بيئة الأعمال وخلق فرص عمل بمستويات عالية.