facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أفغانستان: بين الإستلام والتسليم


داود عمر داود
21-08-2021 03:15 PM

احتلت الولايات المتحدة أفغانستان، عام 2001، لإسقاط نظام حكم طالبان. وبعد عشرين عاماً من الحرب الضروس، وتناوب أربعة رؤساء على البيت الأبيض، ومقتل وجرح الالاف من جنودها، وكلفة بترليونات الدولارات، ها هي واشنطن تعترف بهزيمتها النكراء أمام حركة طالبان. وها هو نظام طالبان يعود منتصراً لحكم أفغانستان، في هزيمة اعتبرها مسئولون غربيون بأنها مذلة للغرب، وأشد قسوة من هزيمة الإتحاد السوفياتي، وأنه سيكون لها ما بعدها من أثار على دول الغرب بمجملها.

تراجع هيبة أمريكا في العالم:
لقد شاهد العالم منظر آلاف المتعاونين الإفغان وهم يتزاحمون في الشوارع للوصول إلى مطار كابول، ومنظر المئات منهم وهم يتشبتون بالطائرة العسكرية الأمريكية الضخمة، أثناء سيرها على المدرج للإقلاع. حيث تمكن إثنان منهم من ربط نفسيهما بعجلات الطائرة إلا أنهما سقطا من الجو، ولقيا مصرعهما. هذه المشاهد المحرجة أفقدت أمريكا هيبتها أمام العالم، وأفقدتها ثقة الناس فيها، حين رأت الشعوب كيف تتخلى أمريكا، بكل هذه السهولة، عمن يتعاون معها ويخدمها.

الإعتراف بالهزيمة:
أرسلت المشاهد الدراماتيكية التي تلت إنهيار الحكومة الأفغانية، ودخول حركة طالبان إلى العاصمة كابول، دلالات عميقة على أكثر من صعيد، خاصة تسارع وتيرة الأحداث. إذ أن الخطة الأمريكية كانت تقضي بأن تستكمل إنسحابها بانتظام من أفغانستان، قبل حلول الذكرى العشرين لأحداث 11 أيلول سبتمبر 2001. لكن الانهيار السريع للجيش الحكومي الأفغاني جعل الرياح تجري بما لا تشتهي سفن الإدارة الأمريكية التي أصابتها حالة من الارتباك. فسارع رئيسها جو بايدن للتبرير، هو ومن حوله من مسئولين، وهدد وتوعد طالبان لو هي تدخلت في عملية الإنسحاب. وأعلن بصراحة أن بلاده قد هُزمت في أطول حربٍ خاضتها، وأن حركة طالبان هي التي انتصرت، وأن أفغانستان هي (مقبرة الإمبراطوريات).

أحداث سبتمبر ذريعة والغزو معد مسبقاً:
لقد استخدمت الولايات المتحدة أحداث سبتمبر ذريعة لغزو أفغانستان وإسقاط نظام حكم طالبان، كما إدعت في حينه. لكن خبراء أمريكيين يؤكدون أن خطة الغزو كانت معدة مسبقاً، وموجودة في الأدراج، منذ اللحظة التي خرج فيها الإتحاد السوفياتي مهزوماً من أفغانستان، عام 1989.

فكرة الجهاد في أفغانستان:
درج كثيرون في الأونة الأخيرة على تشبيه إنسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بإنسحابها من فيتنام عام 1975، لكن الأدق أن تكون المقارنة مع إنسحاب القوات السوفياتية الغازية، التي دام احتلالها عشر سنوات، 1979-1989. حيث أقدم السوفيات على احتلال افغانستان طمعاً في الوصول إلى المياه الدافئة ومنابع النفط. لكن الولايات المتحدة، في عهد رئيسها جيمي كارتر، كانت لهم بالمرصاد. فقد بدأت بتسليح المعارضة الافغانية قبل ستة أشهر من بدء الاحتلال السوفياتي. كما تولت إيجاد وإبراز فكرة (الجهاد الإسلامي في أفغانستان)، في حقبة كان الموضة الدارجة فيها (حركات التحرر الوطني). وهكذا قامت في أفغانستان حركات جهادية مسلحة لمقاومة الإحتلال السوفياتي، جلب لها الأمريكيون كل أشكال الدعم المالي والعسكري.

السوفيات: غزو أعقبه إنهيار:
استقطبت حركات المجاهدين في أفغانستان كثيراً من الشباب العرب، الذين استهوتهم، كأي مسلم، فكرة (الجهاد والشهادة في سبيل الله)، وكان لهم دور بارز وحاسم في نجاح المقاومة الأفغانية، وفي إنهاك الجيش السوفياتي المحتل، على مدى عقد كامل، ثم إجباره أخيراً على الإنسحاب، وتكبيده خسائر عسكرية ضخمة، بمقتل 15 ألف جندي، وجرح 53 الفاً آخرين، وخسائر إقتصادية فادحة بلغت 150 مليار دولار في حينه، الأمر الذي هز كيان الإمبراطورية السوفياتية، ووجه لها ضربة في مقتل، أدت إلى تفككها وإنهيارها في أقل من 3 أعوام.

المعركة الفكرية:
بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة لبناء جيش أفغاني يعمل بالوكالة نيابة عنها ولصالحها، ويحافظ على مكتسباتها في أفغانستان. لكنه انهار بسرعة أمام مسلحي طالبان في الأسابيع الأخيرة، ودخلت الحركة العاصمة كابول بدون قتال. ولقد فؤجىء كثير من المسئولين في الغرب بهذه السرعة التي انهار فيها جيش الحكومة الافغانية. واعترف بعضهم بأنهم أساءوا تقدير الموقف. لكن ما لم يكونوا يدركوه أن جيش طالبان الصغير نسبياً، والمؤلف من ثمانين ألف مقاتل فقط، والضعيف من حيث التسليح، يحمل (فكراً) يحركه، ورسالة هي أقوى من كل الأسلحة، جعلته قادراً على أن يوجع أعتى إمبراطورية في العصر الحديث، ويكشف عورتها، بل وأن ينتصر عليها.

دور الرعب في الهزيمة:
في المقابل كان الجيش الحكومي المؤلف من 300 الف جندي، والمجهز بشكل جيد، لكن قيادته سيئة وينخرها الفساد، ولا يحمل جنوده أية رسالة سوى خدمة السيد الأمريكي. وقد حذرت مؤخراً هيئة رقابية أمريكية من أثار الفساد على تماسك الجيش الحكومي الأفغاني. لكن من أهم أسباب انهياره عامل الخوف الذي سيطر على المتعاونين مع القوات الأمريكية. ويمكن القول أن الفئة القليلة ربما تكون قد انتصرت على الفئة الكبيرة بفضل الفساد والرعب، الذي زاد انتشاره بفعل وسائل التواصل الاجتماعي.

خلاصة القول: حين ينقلب السحر على الساحر:
لقد تمكن الغربيون، بقيادة الولايات المتحدة، من استغلال فكرة (الجهاد) لإلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفياتي وإسقاطه. وها هي نفس فكرة الجهاد تقود إلى هزيمتهم. فهي مغروسة في نفوس وعقول وقلوب أهل أفغانستان، وعليها نشأت وتربت أجيال منهم، وحاربوا بها، وكانت النتيجة أن ألحقوا الهزيمة بالغرب، وقلبوا السحر على الساحر. لكن يبقى السؤال: هل يعيد التاريخ نفسه فيكون مصير الإمبراطورية الأمريكية، بعد تورطها في مستنقع أفغانستان، مثل مصير الإمبراطورية السوفياتية التي سبقتها إلى هناك؟ أليست أفغانستان (مقبرة الإمبراطوريات) كما قال بايدن؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :