من أوائل سور القرآن الكريم التي تعلمناها و حفظناها سورة لقمان التي وجهتنا نحو نبذ التصرفات غير الحميدة. نبذ التكبر و التفاخر و الزهو و الصياح و عقوق الوالدين. هي قطعاً صفاتٌ حميدةٌ قديمةٌ جداً من عصر لقمان الحكيم و هي صفاتٌ حيةٌ لكل زمانٍ و مكانٍ. القرآن الخالد خلدها لنا على لسان لقمان الحكيم إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
هل استمعَ و أنصتَ الناس للقمانِ في زمانه وزماننا؟ بعضهم فعل و كثيرٌ لم يفعل وكثيرٌ لن يفعل. مرت السورة و النصيحة الإلهية الخالدة بخاطري يوم وليلة إعلان نتائج التوجيهي وربطت التصرفات التي سمعت من داخل بيتي و في الشارع بالأوصاف التي نهى عنها لقمان الحكيم. صياحٌ هيستيريٌ وأبواق سياراتٍ مزعجة و إطلاقات نار متقطعة أو مستمرة لثواني خلال النهار و الليل و طبلٌ و زمرٌ و غناءٌ ختمتها قرابة منتصف الليل مفرقعات نارية. أحدهم نجح بجوارنا! أما من أطلَّ و أطلَّت من فتحات سقوف السيارات و نوافذها مهللين صائحين مغنيين هازجين و مؤشرين لكل من يرى و يسمع فحَّدِث و لا حرج. لم يمنعها حياء و لا منعته رجولة.
ما أحوجَ المجتمع لتعلم و حفظ سورة لقمان بدءاً بأولياء الأمور قبل الأبناء.
مشروعٌ الفرح و إظهاره، واقترانه بالنجاح منطقي. ما هو غير منطقي هو الاعتقاد بمشروعية فرحٍ عارمٍ بمظاهر تؤذي الجار السليم وتزيد من وجع الحزين لمرضٍ أو وفاة. لقد أوصى اللهُ نبيهُ المصطفى بالجار حتى ظن النبيُ أن الجارَ سيرثه. فما بالنا جيران سوء؟ وهل مناسبات الفرح هي مناسبات الأذى للجيران؟
الخصال الحميدة في الناس لن تختفي والخصال اللئيمة كذلك و لهذا فضل التهذيب القرآني التربوي المستمر ليُقَوِّي و يردع. لن يسمعهُ و يعيهُ الكثير لكن تكريره و الإصرار عليه واجبٌ، فإن فقدنا جيلاً للفوضى فلا يجب أن نفقدَ القادمَ من الأجيال. الشيء على الشيء يُبنى؛ إن نجحوا بمدرسة و علوم ورسبوا بتربية و خلق فلا نجحوا و لا أفرحوا بل زادوا المجتمع وبالاً على وبال و كانوا أسوأ جار. الله المستعان.