خلال عملي الصحفي، تعرضتُ لمواقف قاسية وُمحْرجة احيانا وبالتأكيد كان هناك الجمال والروعة والدهشة والمتعة، خاصة بعد ان احصل على «صيد ثمين»، كأن يكون خبرا او تحقيقا مميزا او سبقا صحفيا. وفي بداية عملي كنتُ أبكي وأحزن عندما «يروح عليّ خبر». ثمّ «بلّدت» و«تمسحت» بعد ان «تخصصت»ُ في «التحقيقات» و«اللقاءات» وكتابة «المقالات».
المهم، أنني قابلتُ رجالا كبارا في السن، منهم من بلغ الـ(120) عاما، وبالطبع حين كان يسرد ذكرياته، وكان يأتي على ذكر بعض الاشخاص وكنت أخشى ان يكون (العجوز) قد أخطأ بحكم (الشيخوخة) بأسمائهم، او أحداث يمكن ان يكون قد أساء لاصحابها. فكنتُ استعين بـ(خبراء) ممن هم أكبر مني سنّا، لتصويب ما قد يكون الرجل قد تجاوز بحقهم.
كذلك، أذكر أنني اجريتُ حوارا مع فنانة تشيكلية عراقية، واكتشفتُ أنها (خرساء). وكان الحوار بالكتابة على الورق، اكتب لها السؤال فترد بالكتابة. وسارت الامور كما ينبغي. وتعرضتُ لموقف آخر، ولاكثر من مرة، حين وجدتُ نفسي في «ملهى ليلي»/ «نايت كلوب»، واجريتُ لقاءات مع «سُكارى» حول الاسباب التي تجعلهم يترددون على هكذا أمكنة. وبعدها بيومين اتصل بي احد اصحاب «الملاهي الليلية» مهددا متوعدا...
كما قابلتُ بنات ونساء (سيئات السمعة)... وكان لديّ فضول لمعرفة ظروفهن التي تضطرهن لفعل ما يفعلن.
ايضا، قابلتُ اثناء رحلتي مع مهنة المتاعب أناساً غير أسوياء، مدمنين،ومجانين، واصحاب أمزجة حادّة، وأذكر أنني قمتُ بتغطية جريمة قتل راح ضحيتها 7 اشخاص مع سرقة رواتب، ودخلتُ قفص « المجرمين» وسألتُ «زعيم العصابة» وكان قد اصدر القاضي وقتها حكما بـ « الاعدام «عليهم، سألتُ عن شعوره بعد سماع الحُكم فردّ عليّ: شعور ناسيت. وهي دعاية لشفرات الحلاقة الشهيرة.
اقول ذلك، ردا على سؤال من إحدى الطالبات في كلية الصحافة فيما لو كان الذين التقيتهم في حياتي الصحفية كلهم «نجوم ونجمات ومشاهير».اي ان تجربتي كلها « نغنشة» و»مهرجانات» و»كائنات جميلة» فقط..!
الصحفي «الحقيقي» كما عرفته،ان يلتقي (كل) الفئات وكل الناس حسب الموضوع، وعليه ان يتحمّل متاعب ذلك. هذا ان اراد ان يكون صحفيا حقيقيا، بعيدا عن الـ«كوبي/ بيست».
الدستور