عيناه مغناطيس بصري..يكنس جوانب الطرقات بنظراته وينظف أحواض الأشجار بالتفاتات سريعة، بين قضبان الرصيف يبحث عن كل ما يلمع او يستصلح، يأخذه بخفه ويضيفه الى رصيده اليومي..
على ظهره كيس بلاستيكي، وبين ضلوعه قلب قطني يمتص كل أوجاعه، شكر الله انه أول الواصلين إلى المكان ..فهو يتفاءل بهذه الحاوية تحديداً ..موقعها المغري بين بيوت فاخرة يسكنها جمع من الميسورين وأصحاب المناصب الرفيعة قد تغري غيره من «السرّيحة» في احتلالها..
أنزل الكيس عن ظهره..كف ردني القميص...ودلّى نصفه الأعلى في الحاوية..حرّك الأكياس يمينا ويساراً..تحسسها من الخارج..يبدو انه يوم موفق؛ بالأمس كانت هناك ثلاث مباريات مهمّة، لا بد أنهم أسرفوا في لوازم السهر : ما هذا ؟ نصف تفاحة..وهذه تفاحة كاملة..عظيم نريد واحدة أخرى فقط لنؤمن باقي العائلة..
في كيس قريب آخر: حبّة كيوي..لا بأس سآخذ حبة الكيوي وأعطي التفاح للأولاد..يمد يده في الحاوية من جديد يبدو هذا الكيس طريّا...يفتح الكيس...يظهر منها قطعة قماش..يسحبها..بنطال ولادي..انه على مقاس حمودة ..سيفرح به..فليكن «حلوان» شهادة المدرسة!!..ما هذا ايضاً..»تي شيرت» الأرجنتين.. لا بأس فهو جميل ..لقد قلت انه يوم موفق منذ البداية..ماذا بعد!! يفتح كيسا مملوءا بالعلب المعدنية «بيبسي سفن أب كوكا كولا ..ويبدأ يعد: عبوة، اثنتان، ثلاثة، اربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية،تسعة، عشرة، اوووه بركة...الحمد لله..تبدو سهرة عامرة..غاص بيده الى قاع الحاوية ورفع قدمه اليمنى لتحفظ التوازن: اصطاد كيس وجبات سريعة..فتحه..ثلاث قطع «كنتاكي» ومثلث بيتزا..ايّ كرم تتمتعون به يا أصحاب النعم؟!!..أدامها الله عليكم.. وزرقنا من ورائكم!! ...أُخخ.. ثلاثة اصابع من المايونيز ومثلها من الكاتشاب..يبدو انهم يخافون الكوليسترول؛ خلّي الكوليسترول عليّ..قالها وهو يحشو الغنائم في كيسه البلاستيكي..نظر الى الحاوية نظرة المودع ثم تمتم : الطمع بالدين ..سأترك لغيري من الزملاء القطط والسرّيحة والجرادين ما يسدّون به رمقهم ..
بعيد العشاء عاد للبيت..ركن في الزاوية « العلب المعدنية المطبوقة» عشّى الأولاد من رزق يومه، ثم غلى ابريق شاي بالميرمية وجلس خارج الغرفة ..يشرب نخب «كأس الفيفا»..
الراي