حل الدولة الواحدة ام حل الدولتين او الكنفدرالية 4
اللواء المتقاعد مروان العمد
18-08-2021 11:19 AM
وبقدر نجاح زيارة جلالة الملك الى اميركا ، وبقدر الاشادات الدولية والمحلية فيها ، والتي كان اهمها اعادة طرح القضية الفلسطينية على بساط البحث الدولي وخاصة من قبل الولايات المتحدة الاميركية كما صرح مندوبها الدائم في الامم المتحدة ريتشارد ميلر قائلاً بان ادارة بايدن طلبت العمل على استعادة التواصل ما بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي والعمل على مد جسور الثقة بينهما . كما ان الزيارة كانت ناجحة في كسر الكثير من القيود والحدود في المنطقة حيث تم الاعلان فوراً عن فتح معبر جابر ما بين الاردن وسورية لجميع عمليات التبادل التجاري بين البلدين ، وكحلقة وصل بينهما وبين دول الجوار مع حرية حركة الافراد وتنقلاتهم ، بالرغم من قانون قيصر والذي شُرع من قبل الادارة الامريكية لفرض الحصار الاقتصادي على سورية ، ومنع اي تعامل تجاري وعسكري واقتصادي مع النظام فيها، ( بالرغم من محاولة بعض عناصر المعارضة السورية في الجنوب اعاقة هذه الخطوة عن طريق وضع الحواجز واغلاق الطرق الرئيسية الى دمشق ونشر المسلحين فيها لبعض الوقت ) مما فتح الباب واسعاً لاعادة النظر في الموقف من النظام السوري ولاعادة الهدوء والامن الى سورية ، لاهمية هذا الامر للمنطقة وللشعب السوري . ومن تسهيل عودة المهجرين السوريين اليها . كما حصلت في هذه الزيارة مباركة الادارة الامريكية لمشروع الشام الجديد والذي يضم كلاً من مصر والعراق وسورية واهمية هاتين الخطوتين بالتخفيف من القبضة الامنية والسياسية والاقتصادية الايرانية على هذه الدول ، والذي من شأنه ايضاً تحقيق اختراق مهم في المباحثات الامريكية الايرانية حول ملف ايران النووي ونزع فتيل الانفجار الذي كاد ان يحدث اثناء ادارة ترامب .
الا انه وما ان اعلن عن تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، حتى تعرضت لاشرس هجوم على تشكيلتها ، والمطالبة بأن تضم اتجاهات واشخاص آخرين . بل ان البعض كان انتقاده لها كونها لم تضم اسمه فيها . ثم انتقل الامر الى التشكيك بأهدافها ونشر اشاعات مغرضة عن هذه الاهداف مثل شطب هوية الدولة الاسلامية واعتماد العلمانية وغيرها مع ان هذه الامور لم تكن مدرجة في الكتاب الملكي بتشكيلها وان لا اختصاص لها بتعديل الدستور الا في نطاق ما يتطلبه قانون الانتخاب وقانون الاحزاب المكلفة بصياغتهما.
واخذ البعض يطرح افكاره على هذه اللجنة والتي قد تخدم مصالحه الخاصة ، ولكنها وفي نفس الوقت قد تثير الفتن المدمرة في المجتمع الاردني . فقد طالب البعض باعادة توزيع الدوائر الانتخابية وعدد مرشحي كل دائرة بطريقة تخل بالتركيبة السكانية في الاردن . وتغليب التوزيع الديمغرافي على التوزيع الجغرافي ، والذي وان حصل لن يكون الا في مصلحة الدوائر الاكثر عدداً بالسكان والاقل مشاركة في الانتخابات ، والتي يغلب عليها الاردنيين من اصول فلسطينية بحجة المساواة في المواطنة ، وذلك على حساب الدوائر الاقل عدداً بالسكان والاكثر مشاركة في الانتخابات والتي تعود في اصولها الى العشائر الاردنية التي استوطنت شرقي الاردن منذ البداية والتي كان لها دورها في بناء الاردن وحياته السياسية . كما طالب البعض بزيادة نسبة التمثيل الحزبي في مجلس النواب ومنذ البداية ، والى ان تصل النسبة الى نصف اعضاء المجلس ومن اول دورة نيابية قادمة ، تمهيداً لتشمل كل أعضاء المجلس في الدورات القادمة . مع العلم بأنه لا توجد في الاردن احزاباً قادرة على ايصال ممثلين عنها في البداية الى المجلس ، باستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي . بالاضافة إلى ان بعض الاحزاب في الاردن هي عبارة عن بقايا او امتداداً لبعض الانظمة العالمية والعربية الشمولية التي رفعت الديمقراطية شعاراً ، في حين انها مارست اشد انواع الحكم الدموي والدكتاتوري ، والتي يجري العمل لاعادة الحياة اليها من خلال بوابة مجلس النواب . وللاسف الشديد فأنه يبدوا من خلال بعض ما يرشح عن مخرجات هذه اللجنة ، يوحي بانها قد جاملت كل هذه القوى التي ناصبتها العداء بهدف الحصول على رضاها ، بالرغم من انها لا تتماشي مع مصلحة الاردن وشعبه
صحيح ان الشعب الاردني يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الرئيسية الاولى ، وانه مستعد للتضحية في سبيلها بكل شيئ وحتى بحياته ، الا انه لابد من الاقرار انه عند الرجوع للاصول والمنابت سيكون هنالك حديث آخر ، وخاصة قبل ان يتم حل القضية الفلسطينية حلاً نهائياً . ويتم تحديد من سيحمل الجنسية الفلسطينية منهم ، ومن سيبقى يحمل الجنسية الاردنية . ولذا فأن البعض يعمل على المراهنة على تغلب الولاء الديني على الولاء الاقليمي ، وخاصة بعد الشعبية التي اصبحت تتمتع بها حركة حماس بين الاردنيين وخاصة بين عشائره ، وبعد الخطاب المعتدل الذي اتبعه حزب جبهة العمل الاسلامي ومن ورائه جماعة الاخوان المسلمين في الاردن ، وكأن المقصود بهذه الاقتراحات تقديم مجلس النواب لحزب واحد واتجاه واحد ولغاية ما .
وقد تعرض البعض لما قاله رئيس هذه اللجنة بأن تطبيق الانتخابات الحزبية والحكومات الحزبية بشكل كامل يحتاج عشرين سنة من الآن ، بالهجوم والنقد والسخرية . وبعيدا عن الموقف الشخصي فأن هذه المدة لا تعتبر طويلة في دولة لم تعرف الانتخابات الحزبية الا في حالات نادرة وباعداد قليلة . ولم تعرف الحكومات الحزبية الا مرتين ، الاولى كانت من خلال حكومة اللبناني الدرزي الاصل رشيد طليع في عام ١٩٢١ و الذي كان يترأس حزب الاستقلال العربي لتكون نواة للحكومة العربية في منطقة سورية الكبرى ، والتي سقطت في نفس العام . اما الحكومة الثانية فهي حكومة سليمان النابلسي والتي شكلت عام ١٩٥٦ من مجموعة من الاحزاب منها الحزب الوطني الاشتراكي و التي سقطت في العام التالي . وتم على اثرها حل كل الاحزاب الاردنية بأستثناء جماعة الاخوان المسلمين ولغاية عام ١٩٩١ حيث صدر قانون جديد يشرع لتشكيل احزاب اردنية .
ولهذه الاسباب ولعدم وجود الاحزاب الاردنية المؤهلة لخوض الانتخابات والفوز فيها ، فأنه من الطبيعي ان يتطلب ذلك عدة دورات برلمانية يتم خلالها زيادة التمثيل الحزبي في قانون الانتخابات في كل مرة وبشكل تدريجي . ويتطلب ذلك تعديلات جوهرية على قانون الاحزاب يفرز احزاباً محلية وقوية وقادرة على القيام بذلك . وان هذا الامر يجب ان يكون له الاولوية على وضع قانون انتخابات جديد . وان ما طالب به جلالة الملك على ان تكون هذه المدة هي عشر سنوات فقط ، انما هو دليل على جدية الرغبة لديه بالتحول للحكومات الحزبية وبأقرب وقت ممكن . ولكن يجب ان يتم ذلك بخطوات مدروسة وليس بطريقة القفز بالهواء .
وفي نفس الوقت فأن البعض لا يزال يعزف على وتر الفتنة التي تورط بها سمو الامير حمزة ، ومن ذلك الهتاف باسمه من قبل المعارضة الاردنية على اسوار البيت الابيض عندما كان جلالة الملك يجتمع مع رئيس الادارة الامريكية الديمقراطية ، ورفع صوره والهتاف باسقاط نظام الحكم في الاردن . ومن ذلك ايضاً ما لا يزال البعض يردده بعدم قناعتهم بصحة قضية الفتنة ودور سمو الامير حمزة بها ، الامر الذي دفع جلالة الملك لأن يتحدث بكل وضوح وشفافية عن هذا الموضوع في حديثه مع ال CNN حيث قال اذا كنت احد افراد العائلة المالكة فلديك امتيازات وهناك محددات ، والسياسة محصورة في الملك . وقال ان العديد من العائلات المالكة تواجه تحديات مثل قضية الفتنه هذه ، ولذلك فأن ما حدث كان امراً مؤسفاً وغير ضروري واوجد مشكلات كان يمكن تجنبها . واضاف جلالته اعتقد ان ما جعل هذا الامر محزناً جداً هو ان احد هؤلاء الاشخاص اخي الذي قام بذلك بشكل مخيب للآمال . وقال ان الاجهزة الامنية وكما تفعل دائماً تجمع معلومات ووصلت الى مرحلة تولدت لديها مخاوف حقيقية بأن اشخاصاً معينين كانوا يحاولون الدفع بطموحات اخي لتنفيذ اجنداتهم الخاصة . وقررت الاجهزة الامنية وأد هذا المخطط في مهده وبهدوء ، وانه لولا التصرفات غير المسؤولة وتسجيل المحادثات مع مسؤولين اردنيين بشكل سري وتسريب مقاطع فيديو عنها ، لما وصلت الامور للحديث عن هذا الموضوع في العلن .
ولكن ما علاقة كل ذلك في حل الدولة الواحدة وحل الدولتين او الكونفدرالية ؟ ذلك ما سوف اوضحه في الحلقة الخامسة والاخيرة من هذا الموضوع