رغم الانسحاب الامريكي من افغانستان لا تزال الولايات المتحدة الامريكية تتحمل مهمة الحفاظ على الاستقرار فيه ولا سيما أن العديد اتفق على ان الانسحاب كان سريع الوتيرة، أهم التحديات التي تواجه أمريكا اليوم هو مهمة صياغة السياسات التي تزيد بطريقة ما تهميش «طالبان» مع استرجاع الاستقرار للبلاد دون التواجد العسكري الامريكي فيها، قد يبدوا ذلك قريبا للمهمة المستحيلة بعد ان كان الجميع يعتقد ان مخرجات الانسحاب الامريكي ستكون إما حزب سياسي يقود البلاد او حركة شعبية منظمة يعمل الشعب الافغاني على تشكيل أيا منها حسب ما يراه مناسبا.
تحرك طالبان كان اسرع من جميع الخطط او الامل بعد ان كانت البلاد قاب قوسين أو أقل من الازدهار والانفتاح، إذ كان التحرك بإتجاه مجتمع أكثر عدلا وحرية رغم المقاومة الكبيرة والظلم الكبير الذي مارسته طالبان لفترة وجيزة من الزمن لتعود لممارسته اليوم بالقوة.
لا شك ان الاجواء التي كانت تعيشها افغانستان والتي لعبت دورا ما في قرار الانسحاب توحي بالابتعاد الكامل عن حركة طالبان التي كانت تسيطر على العقول والنفوس بقدر سيطرتها القوية على المناطق وكانت حيوية للديموقراطية وان كانت ستكون في البدايات ديموقراطية راديكالية الا انها كانت ستكون بداية جيدة.
بعد أن كادت البلاد أن تدخل وتيرة الاصلاحات التي تهدف الى تحسين حياة الناس والعمل على العديد من البرامج وان كانت صغيرة الا انها كانت ستخلق نوعا من الاستقرار خاصة لو تم الانسحاب الامريكي بطريقة نقل او انتقال وليس انسحاب واضح وصريح، إذ أن الاوضاع التي آلت اليه المناطق او البلدات الافغانية بعد الانسحاب الامريكي منها فاجأت العالم أجمع وليس فقط الافغانيون الذين كادوا أن يفقدوا ليس فقط ارواحهم بل فقدوا الامل في التغيير او حتى الاستقرار.
الفهم الاكثر ادراكا للاهداف البعيدة والقريبة المدى التي تحملها طالبان هذه المرة هام جدا لأنها اكثر جذرية وقوة، فالمخاوف اليوم هو ما تقوم به طالبان من خلق بذور جديدة على صورة حقوق والدفاع عن الارض والتخلص الفوري لكل شئ آخر.
إذ تطرح حركة طالبان نفسها هذه الايام بالمدافع او المُخلص وليس المحرض او المقاتل وافعالها ليست نتيجة حدث ما بل ردة فعل لظرف ما او فرصة اغتنمتها بعد طول انتظار، وهذا يضع المسألة في زاوية جديدة غير محددة بالتعبير او الافكار وادوات الاستخدام فيها واضحة وغير ملائمة.
رغم بساطة المسألة الافغانية ظاهريا إلا أنها معقدة لثنائية السلطة فيها والتي لم تخلوا يوما من المخاوف والازدواجية ليس في القرار بل في اسلوب العيش، فيوما يكون الافغاني مُرغما وليس مدفوعا واحيانا محرضا وليس مرغوما، وحين ترجح احدى السلطتين على الأخرى كما يجري هذه الايام نراه ضحية.
لا شك ان البشر كائنات اجتماعية يعتمد سلوكها على الترتيبات السياسية والاجتماعية وتحقيق المنفعة العامة للبناء والتطور ومن المؤسف اننا نرى ان هناك من لا يزال يسعى لتحقيق أمنه واستقرار او ضمان العيش اي انه لم يخرج من زاوية الحاجات الاساسية للعيش مثلما يحصل اليوم في افغانستان ويحصل منذ زمن ليس بقصير في فلسطين.
حمى الله الاردن
(الدستور)