ما في "النصوص" وما في "النفوس"!
د. محمد ناجي عمايرة
17-08-2021 02:15 PM
يبدأ الصحفي البارز محمد ناجي عمايرة، اليوم الكتابة في عمون..
وابو لؤي من الزملاء البارزين والادباء والمفكرين البارزين، والصحفيين القدامى عمل لسنوات طوال في يومية الرأي واسس صحفا عربية، وهو مفكر عربي، أديب وشاعر، ومحلل سياسي.
وحصل العمايرة على شهادة الدكتوراة في فلسفة التربية "الأحزاب السياسية في المشرق العربي" عام 2005. في حين حصل على شهادة الماجستير في الفلسفة عام 1994، والبكالوريوس في الأدب العربي 1970/1971.
******************
في ظل ظروف إقتصادية ضاغطة، وتفشي البطالة إلى حد غير مسبوق وشكوى دائمة من الغلاء وتآكل الدخول على ضعفها.. وفي إطار رغبة، لا نشك في صدقها، في تجاوز ما يعانيه الناس والوطن من أزمات متشابكة سياسية وإقتصادية وإجتماعية ناهيك بالوبائية. تبدو صورة بلادنا مقلقة في أعين كثير من المتابعين والمراقبين وهذا قلق مشروع ولا ينكر.
غير أننا نحتفل بالذكرى المئوية الأولى لتأسيس الدولة الأردنية الهاشمية ونحن ننظر إلى ماضٍ حافل بالمنجزات والعطاء الوطني دون أن ننكر أيضاً ما كان فيه من سلبيات وأخطاء وتحديات كلها تضافرت للحد من المكتسبات أو تفريغها من بعض مضامينها أو تشويه صورتها الجميلة.
هذه مقدمة للقول أن شيوع الفساد الذي خرج أحياناً عن سيطرة الدولة وأصاب المؤسسات والقطاع العام وتخطاه إلى بعض القطاع الخاص وألحق ضرراً بالقيم الأخلاقية والإجتماعية لا يمكن تجاهله. شيوع الفساد هو مربط الفرس وأس المشكلات والتحديات.
ومن هنا تبدو مسألة الإصلاح المنشود قائمة على جوانب عديدة إقتصادية وسياسية وإجتماعية وإدارية وتربوية وثقافية مما يجعلها تقارب مختلف متطلبات الحياة.
ولهذا أيضاً يصبح الحديث عن الإصلاح في جانب واحد مثيراً للإستغراب من باب أنه لا يلبي الحاجة ولا يحل المشكلة.
وهذا ما ينطبق على اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي كلفها جلالة الملك في إطار عملية إصلاحية متكاملة بإعادة النظر في القوانين والتشريعات الناظمة للحياة السياسية وخاصة قانوني الانتخاب والأحزاب وما يتطلبه ذلك من تعديلات دستورية متصلة بهما، ووضع التوصيات اللازمة لتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية وتعزيز دور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
وهذا يجعل اللجنة رئيساً وأعضاءً في مواجهة كل القلق الذي ينجم عن الأزمات المتشابكة وكأنها هي المسؤولة عن إيجاد حلول لها. وقد لاحقت الإتهامات والشكوك اللجنة منذ تشكيلها مع أنها تقترب الآن من إنهاء مهامها بتقديم مشروعي قانونين جديدين للأحزاب وللانتخاب ينتظرهما المواطنون كحلٍ لما تعانيه المنظومة السياسية من ضعف، وإصلاح ما يشوب صورتها من ضبابية وأداءها من قصور.
وهنا لابد من التأكيد على أن الإصلاح حزمة متكاملة وكل عناصرها مطلوبة أعني سياسياً وإقتصادياً وإداريا وإجتماعياً وثقافياً وتربوياً.. الخ.
وعلى أهمية إصلاح القوانين وتحديث التشريعات لكنها لا تحقق المطلوب إن لم تقترن بالرغبة والعزيمة والإرادة التي تنقلها من النصوص إلى النفوس.
ولعل ما يبعث الطمأنينة ويخفف القلق أن جلالة الملك قد ضمن إحالة نتائج عمل اللجنة الملكية إلى مجلس النواب دون تدخل من السلطة التنفيذية لتأخذ مسارها الدستوري المعتاد، وحينها تكون مسؤولية المجلس مضاعفة، وهي مسؤولية وطنية لا تقبل التردد.
ويبقى أن ندعو إلى التفاؤل بمرحلة جديدة من العمل الوطني تستمر فيها تحركات مختلف مكونات الدولة نحو الإصلاح المتكامل. على أن الديمقراطية والإصلاح تتطلب أناساً صالحين ومصلحين وديموقراطيين.