كيف سيستقبل الجمهور نتائج التحديث؟
د.محمد المومني
17-08-2021 12:16 AM
ملأت لجنة تحديث المنظومة السياسية ومداولاتها وأخبارها الفضاء العام، بين متفائل ومتابع وناقد لأعمال اللجنة، وهذا بحد ذاته مكسب أخذ النقاش الوطني لمنحى ايجابي بدلا من حالة السلبية والاحباط التي كانت سائدة بين بعض قادة الرأي والناس. الغالبية الساحقة ترى الآن أن اللجنة ومداولاتها ونتائجها المتوقعة فرصة تاريخية للتقدم بحياتنا السياسية نحو مزيد من المأسسة ومناخات العمل الإيجابي وفضاءات الحرية المسؤولة.
لن تأتي اللجنة بالمعجزات، ولن تحل كافة تحدياتنا، وستكون خطوة من خطوات سابقة ولاحقة لنهج الإصلاح في الدولة، وعليه فضروري ان نرشد ونعقلن سقف التوقعات.
ومهم ان نلحظ ان الدولة تخطو نحو الاصلاح وهي في اقوى حالاتها، تجاوزت الربيع العربي وحروب العراق وسورية والارهاب، وواجهت بصلابة خطط تصفية القضية الفلسطينية، وآثرت بعد كل هذه الانتصارات السير نحو الاصلاح والتحديث، لأن هذا هو نهج الدولة الأردنية منذ التأسيس، ولأن الدولة الواثقة هي التي تبادر وتسعى دوما للتقدم.
في خضم ذلك، تتحضر الأعين بانتظار نتائج اللجنة، التي خاضت مداولات مكثفة على مستوى اللجان الفرعية وعلى مستوى الاشتباك مع الرأي العام والأردنيين من شتى المشارب. وبحسب النتائج الاولية للجان الفرعية، فإن جمهور المستقبلين للنتائج سينقسم لأربعة اقسام: الاول، فئة سترى في نتائج اعمال اللجنة خطوة بالاتجاه الصحيح وهي وازنة عاقلة ولا تقفز بنا للمجهول، والقسم الثاني، يتمثل في فئة سترى بنتائج لجنة التحديث خارج سياق التحدي الوطني، وإننا سياسيا غير جاهزين لها وتشكل قفزة في المجهول، فالهم الاكبر هو الاقتصادي المعيشي وستسأل هذه الفئة بديهيا ماذا سيجلب الاصلاح السياسي من نتائج على معيشة الناس ومستويات الفقر والبطالة، اما القسم الثالث، فجمهور يرفض كل شيء ولا يرى الا السلبية ومتوقع ان يتهكم ويرفض النتائج مهما كانت دون حتى الخوض بتفاصيل النتائج ومحاكمتها موضوعيا، قسم رابع واخير، سيربط موقفه بالتنفيذ الفعلي لنتائج عمل اللجنة على ارض الواقع، فبالنسبة لهؤلاء اي نتائج تعتبر خالية المضمون اذا لم تترجم على أرض الواقع وتنفذ.
من وحي هذه التقسيمات، تقف الأحزاب السياسية وقوى المعارضة كعامل حاسم في تأطير النقاش المجتمعي حول نتائج تحديث المنظومة السياسية، وعلى هذه الفئة مسؤولية وطنية كبيرة في قول رأيها بموضوعية وبعيدا عن الشعبويات وتسجيل المواقف، فاللحظة الوطنية تتطلب الجرأة والشجاعة في ان نصدق الناس القول. تعيش من تصنف نفسها المعارضة السياسية بيمينها ويسارها التقليدي والليبرالي حالة من الانتشاء السياسي، فهي في اضعف حالاتها ومع ذلك تقدمت الدولة نحوها بمبادرة اصلاحية كبيرة، ويبدو ان ايا كانت النتائج، فستصب انتخابيا في صالحها، لذا وجب على الفاعلين السياسيين في المعارضة تقدير ذلك، والقول للرأي العام بموضوعية ماذا تعني هذه الخطوة الاصلاحية للتحديث، وكيف انها كأحزاب ومعارضة ستتأقلم وتقوم بما عليها من واجبات تحديث سياسي ذاتي كذلك الذي قامت به الدولة، وكيف ان المعارضة واحزابها ستستثمر مبادرة الدولة وتقابلها بتطوير للنهج والخطاب من اجل اكتمال منظومة التحديث الوطني.
(الغد)