ما مدى استجابتنا للتفكير خارج الصندوق؟
ناديا هاشم العالول
17-08-2021 12:08 AM
لا شك أن التفكير فوق العادة بعيداً عن الأطر والقوالب الجامدة (خارج الصندوق) هو مطلب الجميع؛ أفراداً وشعوباً، حكومات ومؤسسات.. الخ كحل أمثل للتنمية والنمو على الصعد كافة..
متفقين بأنه لا نمو بلا تنمية ولا تنمية بدون استثمار بمشاريع إنمائية ضخمة (ميجا) اضافة الى المشاريع الصغيرة والمتوسطة لو تم تفعيلها وفق نهج استثماري سليم لتعافى نمونا الاقتصادي..
ولهذا يسعى جلالة الملك دوما لتحسين وتعزيز وضع الأردن داخليا وخارجيا داعيا المستثمرين بالخارج للاستفادة من الفرص التنافسية في الأردن، مخاطبا ايضا المواطنين انفسهم بضرورة المشاركة بالتنمية على الصعد كافة» للإبقاء على قوة وازدهار الأردن..فالاستثمار انواع: وطني وأجنبي واستراتيجي واجتماعي وكلها تحتاج إلى ثقافة جاذبة يتعاون فيها القطاع الخاص برأسماله وخبراته، مع القطاع العام بتسهيلاته الممكنة بعيدا عن تعقيدات مطب البيروقراطية والروتين..
إذ يكفينا الاستماع لشكاوى بعض المستثمرين اثناء محاولتهم الحصول على رخص للاستثمار كـ"بطاقة مستثمر» ليغدو ملف الاستثمار ثقيلا محملا بوثائق تطالب باسم والدة المستثمر.. ووالدها.. أيْ اسم جد المستثمر من «ناحية الأم» لئلا يحدث خلط ما.. واسم ابو جدّها فيظل المستثمر (المواطن) يلف ويدور ويدوخ وهو يلملم أوراقاً لا ضرورة لها هذا ليحصل فقط على: «بطاقة مستثمر»..
فما بال المستثمر من خارج الوطن؟
اكيد سيحمل اوراقه ويهرب من وجع الرأس..
فالرّياديون موجودون والمبدعون مستعدون وكذلك جماعات «التفكير من خارج الصندوق» فالكل جاهز للانطلاق..
والنتيجة «محلّك سِر»..
فالمفكرون من خارج الصندوق كثر لكن ثقافة الاستثمار المنقوصة بتعقيداتها المعقدة فوق العادة تقيّد اي مستثمر وتعيده عنوة للصندوق وتحشره وتقفل باب الصندوق عليه بالقفل والمفتاح متحججة بأن تفكيرنا محدود «مطوّق بجدران الصندوق» ولهذا لا توجد مشاريع استثمارية ناجحة..
لا.. وألف لا.. فنحن نملك مرونة تسهب وتبدع وتقفز خارج حدود الصندوق الجامدة رافضة القوالب والأطر اذْ يكفينا نموذج المهندس الأردني «محمد عيد» الذي اتابعه منذ 8 سنوات ذكرته بحينها بمقالة بجريدة الرأي بعد عرقلة التعقيدات البيروقراطية استثماراته..
للعلم «محمد عيد» درس الهندسة في ايطاليا وكان مشروع تخرجه أن صنع نموذجا لطائرة تطير باستخدام الطاقة الشمسية فرأى الطليان فيه ثروة قومية فتبنوه واحتضنوه ليعمل معهم مقدما لهم خبرات في صناعة القطارات والطائرات والسيارات ثم بدأ باستثمار مشروعاته الخاصة به منها مصنع للقطارات لكنه قرر العودة للأردن موطنه حاملا معه اول مشروع لمصنع بناء قطارات في البلاد العربية متفائلا بأن تكون خطوته الأولى ببلده وفق شروط لا يدفع فيها الأردن فلسا واحد بل بتمويل منه ومن شركاء له حيث انطلقت الفكرة من مشروع القطار الخفيف بين «عمان والزرقاء»..
وللأسف لم يجد آذانا صاغية بالاردن بالرغم من محاولاته..
وتتراكم انجازاته حيث نشاهد قطاراته تجوب تركيا الآن بكل مكان ومصنعه في «بورصة» يعمل بهمة ونشاط بعد ان فتحت له تركيا ابوابها مستجيبة لابداعاته..
فالحل يكمن «بنوعية ثقافة الاستثمار» فهي التي بيدها تفتح الصندوق او تدربسه، تيسّر أو تعسّر.
(الرأي)