هنالك الكثير من الشخصيات على مستوى العالم الذي نكتب عنهم ، ولكن الكتابة عن شخصية غير اعتيادية صنعت مجد وتاريخ ومنطقة وجابهت اعداء وبقيت في وضع الحدث ويؤشر لها بالبنان حتى آخر لحظة ونفس ليس بالشيء المعتاد . هناك الكثيرمن كتب عنهم ولكن بعد مماتهم بفترة كانوا في ذاكرة النسيان . ولكن حياة واحد من أبرز القادة العرب في أيامنا وهو احد الساسة العالميين كان الحدث الذي لا يموت.
ثأتر بشخصية بجده الملك عبد الله الاول فقال كير كبرايد والذي كان يتردد على الاردن منذعام 1918 وبعد تعينه عام 1939 م معتمداً بريطانياً وكانت تربطه صداقة حقيقية أصيلة مع المغفور له الملك عبد الله وأن اختلفوا ولكنها كانت اختلاف اصدقاء ،قال كان جد الحسين بالنسبه للحسين نفسه لقد أحب الحسين جده وأعجب به أعجاباً يمازجه التوقير والاحترام ولم يكن الملك عبد الله من طراز الرجال الذين يسمحون بتجاوز الحدود أو انتهاك التقاليد وقد كان عبد الله بالنسبة للحسين تجسيداً لكل ما فهمه عن الأرث الهاشمي والانتساب للنبي صلى الله وعليه وسلم والدور الذي اضطلعوا في تخليص الأمة العربية من نير العثمانيين كان عبد الله صخرة بين الرجال ..وكان زعيماً وقائداً وبمثابة الاب للأردن وكان لا يضاهي حبه للحسين الا حب الحسين له .
ولد الحسين جندياً فمهنة السلاح متأصله به كان منذ طفولته شغوفاً الى قصص جده عن الثورة العربية الكبرى وهو أفضل رجل احترف الجندية وكان جديراً بالمهمات العظيمة. وكان يلبس اللباس العسكري باعتزاز .
وفي الثاني من ايار عام 1953م تسلم الحسين سلطاته الدستورية ، غير ان الحسين قام بدوره على افضل وجه في ذلك اليوم . ولكن لم يبقى الاردن ذلك البلد الهادىء والمبتسم كما أسسه عبد الله بل بدأت رياح التغيير تهب عليه كما هبت على الاقطار العربية الاخرى والتي كانت مشكلة فلسطين تسيطر على السياسة في كافة اجزاء الوطن العربي .
كتب جيمس لنت كتاباً عن سيرة الملك حسين وقال أني اكتب عنه من شدة اعجابي بالملك الذي كان واضحاً في كتابه وقال اني لا احب ان اعتذر عن هذا ولكن الكاتب استعمل في الكتابة فن كتابة الرواية والطريقة الاخرى فن المخاطبة وقال بأنه اختار طريقتين للكتابة عن شخصية الحسين حتى يقرر القارىء ما يكتب ولكنه ومن خلال حديثه بأن كتب هذا كل ما هو معروف لديه وعن قناعة يشهد لها ومن خلال كتابه عن المغفور له الحسين العظيم رحمه الله فأنني اختار بعض الافكار وما تميز به والتي خاطب بها الكاتب عن سيرة المغفور له فقال إن اخلاصه لتراثه الهاشمي وغرس جده الملك عبد الله بنفسه كقائد ورائد للثورة العربية الكبرى واضافة الى نسبه الكريم للأسرة الهاشمية والامر الذي جعله عميد آل البيت وأشرف اسرة بالاسلام يلقي على عاتقه التزامات وبقي طوال حياته ملتزماً بها . التزام الملك بالعروبة وبالوحدة العربية كان هو الالهام الذي دفع جده الأعلى الشريف حسين بن علي الى رفع السلاح في وجه العثمانيين أما الحسين كان يؤمن بمفهوم اوسع للقومية . وكان الحسين ملتزماً بالتضامن العربي والقضية الفلسطينية ولم يتوقف عن دعم القضية الفلسطينية في كفاحه من اجل حريتها .والتزم بمعارضة الشيوعية في العالم العربي والتزام الاردن تحت حكم الاسرة الهاشمية وعلاقته بجيرانه الدول العربية التي كانت عرضة للضغوطات الخارجية . هذا الكاتب الذي وضع عبر صفحات واسعة عن المغفور له الحسين بن طلال في عام 1988 في اكسفورد – لندن لم يكن سهلاً ووضح الكاتب لم يكتب هذا الكتاب بطلب من جلالته او حكومته ولكنه كتب بموافقته وتعاون معه اردنيين كثيرين وهي ارآء وافكار له ولا تلزم آي منهم .
ووصف عبر صفحات كتابه بأن كثيراً ما كان يوصف ان الملك عبد الله هو المؤسس والملك حسين هو الباني ولكن باعتقاده هو الملك الموحد لأن الاردن على اختلاف قبائله وشعوبه لم يشعر بكونه امة الا زمن الحسين فكان الاردني قبل الحسين يصف نفسه بأنه من عائلة كذا او ديانة كذا او قبيلة (لم احدد اسماء كما في الكتاب لاننا كلنا اردننين بغضي النطر من اي مذهب او العشيرة او القومية لأني اؤمن بهذا – امل ) بينما اليوم وفي زمن الحسين يقول انا اردني وهم اليوم يعتزون بهذا الاحساس القوي بأردنيتهم ووفي الوصف الاخر للحسين بأنه هو الزعيم العربي الوحيد الذي يعلن قناعته وصراحته في عواصم العالم جميعاً ،واضاف في كتابه ان الاردنيين مثلهم مثل غيرهم بالعرب لا يترددون في انتقاد حكوماتهم الا ان الغالبية العظمى يجمعون ان التقدم لم يحصل الا بجهود الملك .
إن المغفور له ولا شك كان يصارع من اجل بقاء الاردن وراهن الكثير على ذلك ولكنهم خسرو الرهان وكان الاردن دوما وما زال محاطاً بالاعداء ولكن شجاعته النادرة وايمانه العميق بالله وبسالته الهاشمية هذا ما رأيناه وعايشناه كأردنيين منذ طفولته الامير الشاب الخجول ..ثم ملكاً واباً ومن ابرز السياسيين المرموقين بالعالم ومعه ايضاً كبر الاردن واصبح في عيون العالم اسم يرمز له بالعلو رحم الله جلالة المغفور له الحسين بن طلال .وان كانت هناك سيرة تكتب عن زعيم عربي تحدى الصعاب وزرع الامل وخاض المخاض لولادة وطن الذي جمع بين شخصيته كملك وانسان وأب حاني وسياسي محنك فهذا هو الحسين العظيم سبط رسول الله سليل الدوحة الهاشمية . الحسين في عيون العالم لا يكفي ان يكتب بمقال او كتاب ومهما كتب عنه من كتب لن يكفي أن نعرف عن شخصية كيف كانت تعمل بهذه الطاقات والفكر .رحم الله الحسين العظيم وحفظ الله لنا جلالة الملك عبد الله الثاني .