وأنا أسمع حديث مذيعة الأخبار اليوم حول أفغانستان وأن الانسحاب الأمريكي كان غير مدروس، وأنه كان السبب وراء انهيار الولايات الأفغانية الواحدة تلو الأخرى،، هذا التحليل الذي لا ينسجم مع الواقع ، ولا طبيعة المنطقة، ولا حتى الفكر الطالباني، وأيدولوجياته، فالحرب الأولى في أفغانستان مع الغرب والأمريكان لم تنتهِ وإن مارس الإعلام التعتيم على الواقع وطبيعة الطالبانيين.
منذ بداية الحرب، لم يمض أسبوع واحد إلا وقد وقعت عمليات ضد الجيش الأمريكي، وقوات التحالف أو القوات المساندة، حرب الاستنزاف طويلة المدى كانت السبب في انسحاب القوات الروسية أمام طالبان، فالدعم الأمريكي لطالبان في تلك الفترة ضد السوفييت وبدعم عربي ضمن التوجه الأمريكي، جعلت من سيطرة الطالبانيين واقعا وحتميا مع تعزيز أيدولوجية الجهاد ضد الأجنبي، فالطالبان والإسلاميون بزعامة حكمتيار كانوا معا يقاتلون ضد القوات السوفيتية.
قبل عدة شهور وأمام المستنقع الأفغاني وخوفا من التجربة الروسية تم الاتفاق بالدوحة بين الأمريكان والطالبان على انسحاب أمريكي مهما كانت النتائج، حتى لو سيطر الطالبانيون مقابل عدم إعادة التجربة ضد الغرب.
الطالبانيون أو الطلبة “students” كما يسمون أنفسهم ليسوا أناس عاديون، فالطالبانية حركة عقائديه قومية ويتمتع أفرادها بصفات جسديه تمكنهم من الصبر والعيش في ظروف غير عادية، في البرد والحر، بين الجبال والوديان والكهوف ..
قبل سنوات مضت وفِي أوج المعركة، وعندما كان الطالبانيون والقاعدة ينقلون إلى غوانتنامو التقيت ببعضهم في دولة الامارات، حضروا مشيا على الأقدام من أفغانستان، صادقون بقولهم، لا يبالون بالنتائج او المصائر، يؤمنون أن حياتهم ليست في الدنيا إنما بالآخرة.
نعم، لقد عرف الأمريكان مع من يتعاملون طوال تلك السنين، لذلك لم يكن الانسحاب صدفة أو غير مدروس، إنما الهاجس والخوف من البقاء في أرض النار والموت.
الطالبانيون أصحاب العمائم السود هم اصحاب عقيدة تتوافق مع الفكر المسيحي بأن المعركة الكبرى قادمة، قادمة، قادمة لا محالة..