facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شكرا رسول الله


نبيلة سلطان الخزاعلة
16-08-2021 01:20 AM

في ليلة هادئة جميلة صيفية ،حيث النسيم العليل يُداعب أوراق الشجر محركاً إياها؛فتميد مَيْد الصبايا ،خطر ببالي: أين كنت في مثل هذه الليلة يا رسول الله وهي أول أيام هجرتك؟ هل ضمّك تجويف في الصخور؟ هل كنت تفترش رمل الصحراء؟ هل كنت تلتحف نجوم السماء؟

اذا هي رحلة طويلة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لرجُلَين في صحراء عميقة لا ترحم طقوس مناخها أحد ،وحيث لم يتوانَ المُعادين لصوت دعوة الخير والحق من رجالات قريش عن محاولة الإيقاع بأولئك المغادرين الذين هجروا وطنهم وهم يتجرعون ألم فراق الأحبة ويعيشون وقْع الأطلال.

اذا فقد إلتقى حر الصحراء مع الخوف من العدو في آنٍ معا ،ولكن الرحمة المُهداة محمد أرسل رسائل الطمأنينة والسلام القلبي حين قال( ما ظنك باثنين الله ثالثهما )

هجرة النبي تحكي قصة وطن يُبنى بالحب والإيمان والتسامح،قصة انتصر فيها الخير على الشر والحق على الباطل مع اختلاف منسوب القوى،الهجرة دروس وعبر لن تتسع لها أوراق الدنيا ولن تفيها الأقلام حقها ؛فقد كانت بداية انطلاق لأمة يقودها أُميّ مسلح بالأخلاق الحميدة التي بُعث ليتممها ،قصة تعني الإنعتاق من المجتمع الذي تنغمس فيه أشكال الضلالات والغوايات إلى أرض جديدة حيث ستُبعث أرواح مفعمة بحب الإنسانية مليئة بالخير والرغبة بنشر قيم العدالة ،بعد أن خيّم ظلام الظلم على الدنيا فكانت الجاهلية المقيتة رداء لذلك العصر ،ليست جاهلية علم فحسب ،إنما جاهلية فكر وشريعة وعقيدة، حيث أكل القوي الضعيف وبِيع الانسان واشتُري وتم وأد الفتيات ،فطل فجر الإسلام بأنواره ليُنقذ الحقبة تلك ويُحدث التحول نحو النورانية والمدينة ،ولما لم تكن أرض الوطن حاضنا لتلك النورانية كانت المدينة المنورة القابعة بعيدا ،فأصبحت بلد المهاجرين والأنصار الذين أخذوا على عاتقهم قيادة أنفسهم نحو المجد سائرين بنور الله عزوجل.

هجرة النبي تعني ثورة ضد الظلم والإستبداد واستردادا للحقوق المنزوعة وتثبيتا لروح الوَحدة والإستقلال والإنعتاق من براثن الوثنية العمياء التي انحدرت بالعقول لحدود عبادة الحجر والشجر والنجوم ،الهجرة تعني ترسيخا لقيم الدين الحنيف الداعي لنبذ التطرف والتعصب ،حيث لا يُقتل الصغار والنساء وكبار السن ولا تُنتهك الأعراض ،ولا تُهدم البيوت ودور العبادة ،ولا تُقطع الأشجار، فكانت الرسالة أن الإسلام سيفه العدالة وحقن الدماء لا التطرف وسفك الدماء ،هجرة النبي تعني الرفض المطلق لكل أشكال انصهار المجتمعات في بوتقات التحزّب والفقر والعوز تعني انطلاق البشر نحو عَمارة الأرض وإسعاد الآخرين ،حيث الفرد لأجل الجماعة تلك الأخيرة التي لا تصهر الفرد وتعدِمه فالمال للجميع وتكافؤ الفرص فارضا نفسه بقوة فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى،الهجرة تعني أن تحمل معولك شاقا طريقك إلى هدفك مُتجاوزا كل المُحبطين ماضيا نحو مجد أهدافك وشغفك ،إنها تعني أن تُعبّد طريقك من أنقاض هزائم روحك.

الهجرة وطن لا يُنسى حيث عاد عليه الصلاة والسلام لمكة بانيا مجددِا فعنت الهجرة أن الإبتعاد كان لأجل الإقتراب عنت الصبر المليء بالشوق والحنين للديار مجسدا بذلك عليه الصلاة والسلام لونا خاصا من الولاء يجعلنا نعشق وطننا فأردننا تماما كبلاد المهاجرين والأنصار احتضن واستقبل المئات من العرب الأشقّاء منذ عشرات السنين ولا يزال،هجرة رسول الله تعني تجسيد العمل بروح الفريق والجماعة حيث الجماعة حاضنة القرار ومصدر صناعته تُتوج الشورى فوق رأسها وترفع علم قبول الآخر خفّاقا ،هجرة رسول الله تعني أن تبدأ من البداية حيث صفر الانطلاق غير آبهٍ بطول الطريق وعقبات الزمن فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة،هجرة النبي تعني تجاوز يُتمك ووحدتك وصولا إلى روح الإخاء التي لا تعرف جنسية ولا لونا ولا عرقا ولا طائفية ،فهذه شكليات لا تحد من إنسانية انسان أو تُنقص من بشرية بشر.

إنها تعني فضاء رحبا للعلم والتقدم ونبذ الخرافات والتكهنات القاتمة المبنية على الوهم والرجعية، لذا صار المنهج العلمي الذي أسّسه اتباع محمد وأهدوه لكل العالم ليُنتج العلم ما لديه ،فازدهرت الدنيا وتقدمت على أيديهم وتوسعت معارفهم حيث تشرذمت معارف الآخرين ،وأسّسو رفاهية الإنسان حين عجز عنها الباقون،الهجرة تعني فك القيود المحاطة بروحك التي تجعل منك صغيرا أمام نفسك فقد انطوى فيك العالم الأكبر ،إنها استيلاء التفاؤل والإستبشار على قلبك والسعيّ لجعل حياتك افضل.

شكرا لك رسول الله لإنك علمتنا كل القيم من خلال هجرتك وألهمتنا كل الدروس من سفرك الطويل ذاك،شكرا لك لإنك جعلتنا نُدرك أن البشر الإيجابيين يزرعون الخير في دروب الآخرين وينشرون غيث أرواحهم وقلوبهم على الدنيا فيملؤن سماءات البؤساء مصابيح نور تنير عتمات الطريق وأن سيروا في أرض الله بأمن وأمان.

حفظ الله أردننا بلد المهاجرين والأنصار .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :