الإصلاح الاقتصادي بين «الواقع» و«التنظير»!!
عوني الداوود
16-08-2021 12:07 AM
تساؤلات عديدة يطرحها «القطاع الخاص» في الآونة الاخيرة.. بعضها «استفهامي» وأكثرها «استنكاري»، بعد فقدان كثير من القطاع الخاص الامل بالوصول الى أرضية واضحة يمكن من خلالها الانتقال الى مرحلة «التعافي الاقتصادي» في هذه المرحلة الصعبة.
السؤال الأول الصارخ جدا: أين الاصلاحات الاقتصادية؟ وأين برنامج أو خطة التعافي الاقتصادي التي طال انتظارها؟.. وبعيدا عن كل الخطط والبرامج و- حتى اللجان الوزارية وغير الوزارية - أين الانجاز الاقتصادي على أرض الواقع؟ ولماذا لا يلمس القطاع الخاص أية خطوات عملية على الارض لازالة المعوقات من أمامه والتي صارت معروفة للقاصي والداني؟ وأين التطور بتحسين الخدمات للمواطنين، يخفف عنهم تداعيات جائحة كورونا التي انشغلت بها الحكومة مشكورة، وحققت انجازات، لكن الجائحة لا تعني الانشغال بها عن باقي الهموم المعيشية.
«الاصلاح السياسي».. تعنى به اليوم «لجنة ملكية» أوشكت على الانتهاء من اعلان توصياتها ونعلم جميعا ان الهم السياسي لا ينشغل به سوى قلة قليلة «النخبة»، في حين ان «الاصلاح الاقتصادي» معني به جميع المواطنين، وحتى المقيمين دون استثناء، وهذا الملف لا زال مشتتا وبدون هوية أو عنوان.. وهذا ما يطرح السؤال الثاني وبقوة: أين الفريق الاقتصادي..؟؟ وما هي بصماته او أولويات عمله ومخرجات توصياته التي تنعكس على الاقتصاد الوطني بكافة قطاعاته، والتي ان انتعشت انعكست ايجابا على المواطن الاردني؟؟.
هل تحتاج المشاكل الاقتصادية التي بات «مرّاق الطريق - كما يقال» يحفظها عن ظهر قلب، الى كل هذه اللقاءات والاجتماعات والحوارات المكرّرة بين الحكومة ولجانها والقطاع الخاص ممثلا بغرف التجارة والصناعة ورجال الاعمال، أم أن الفكرة مجرد الحوار للحوار؟!.. وفي كل مرة يعيد القطاع الخاص تكرار مشاكل (الطاقة والكهرباء خصوصا - والتصدير - والتمويل - والعمالة - والمعاملة بالمثل - والضرائب والجمارك -..الخ).. وفي ختام كل لقاء يطلب من القطاع الخاص تقديم توصياته «مكتوبة» من أجل دراستها من قبل الجهات المعنية في الحكومة!!.
جميعنا نعرف بأن المشكلة الكبرى التي يواجهها الاردن - كما كل دول العالم - بعد جائحة كورونا هي «البطالة»، وندرك جميعنا أيضا بأن الحكومة لم تعد قادرة على خلق الوظائف منذ سنوات، ونعي جميعنا بأن الحل الوحيد بيد القطاع الخاص الذي يمكن له أن يستوعب جزءا كبيرا من أعداد العاطلين عن العمل ومن عشرات آلاف خريجي الجامعات سنويا، وحتى يتمكن القطاع الخاص من فعل ذلك.. على الحكومة ازالة المعوقات من أمامه كي يستطيع القطاع الخاص مساعدة الحكومة في حل هذه المشكلة لانها مسؤولية الحكومة أولا وليس القطاع الخاص.
الحكومة معنية برفع معدلات النمو وجذب الاستثمارات القادرة على خلق الوظائف، وكل هذه العناصر (النمو - الاستثمارات - التشغيل) بيد القطاع الخاص، الذي يضع في كل لقاء همومه ومشاكله أمام الحكومة ولا يرى سوى الوعود دون تنفيذ.
«البيروقراطية الادارية» قاتلة جدا لكل الاستثمارات ولكل الاقتصادات ولكل الانجازات، وما يميّز حكومة عن غيرها، قدرتها على التنفيذ، والاّ فجميع الحكومات كان لديها خطط وبرامج ودراسات وابحاث وتوصيات، ولكن هناك حكومة تنفذ وأخرى لا تنفذ، وهناك حكومات لديها فريق اقتصادي فاعل واخرى..»غير فاعل»، وهناك وزراء متابعون وفاعلون وآخرون غير معنيين.
باختصار: الاصلاح السياسي يختلف عليه كثيرون، لأن مساحة «التنظير السياسي» كبيرة، أما الاصلاح الاقتصادي فلا يشهد له الا «الواقع» الملموس ولا ينفع معه «التنظير».
(الدستور)