يقولون إن الترجمة هي طريقة تفاوض بين لغتين وحضارتين وربما زمنين. لكن التجارب الإنسانية متشابهة مهما تنوعت وتعددت الثقافات ومهما تباعدت المسافات والأزمان.
في الميثولوجيا الإغريقية فإن «أريان» ابنة مينوس حاكم جزيرة كريت أحبت البطل «تيزاي» الذي جاء الى الجزيرة مع غيره من الأبطال ليحاول كل واحد منهم أن يقتل المونيتور وهو وحش له رأس إنسان وجسد ثور موجود داخل متاهة معقّدة.
قامت العاشقة أريان بربط البطل تيزاي بخيط رفيع حتى لا يضل طريقه داخل المتاهة خلال صراعه مع الوحش. وهذا ما حصل حسب الأسطورة، حيث قتل البطل الوحش وخرج من المتاهة مهتديا بخيط أريان، وتزوج المستورة وعاشا في سعادة وأمان الى أن جاءهم هادم اللذات ومفرق الجماعات. استفدنا من هذه الأسطورة عبارة (خيط أريان) التي يستخدمها الفرنجة والدلالة واضحة تماما.
نرجع لموضوعنا:
فنحن نقاتل عشرات الوحوش وسط عشرات المتاهات المتداخلة. لا بد أن كل واحد منا كان مربوطا بخيط قبل البداية، سواء كان الخيط بيد فتاة جميلة أو نظرية أو عقيدة أو اتجاه.
المشكلة أننا دخلنا معا لمقاتلة الوحش فاختلط الحابل بالنابل وتشابكت الخيوط وتعقدت وبدل ان تكون هذه الخيوط طريقا لنا صارت قيودا وعقدا، دخلنا بسببها في حروب بيننا نظرا لتشابكها، وتحالف بعضنا مع الوحش تكتيكيا وبعضنا تحالف استراتيجيا وبعضنا تحالف جيوسياسيا.
المحصّلة:
صار الوحش أقوى ونحن فقدنا الخيط والبوصلة والاتجاهات.
هذا وصف مفجع لوضعنا الحالي في العالم العربي.
وتلولحي يا دالية.
الدستور