بعيداً عن الأجواء التزويقية، الديكورية، التجميلية، الباحثة عن كاميرا تعكس واقعاً ليس حقيقياً، بالمرّة، فإنّ مسلسل :”مدرسة الروابي للبنات”، عبّر عن علاقات حقيقية، مضخّمة لما يمكن أن يجري للفتيات، تحت السنّ القانونية، في أيّ مكان في العالم، ومن ضمنه الأردن، وتحت ظلال وسائل التواصل الإجتماعي.
كلّ المسلسلات التي ترعاها “نيتفليكس” تحمل الشكل المبهر، ومن بينها هذا المسلسل بالضرورة، فأنت في الأردن، في بيوت داخله، ولكنّك تشعر بوجودك في بيفرلي هيلز الهوليوودية، وأنت في مدرسة عمّانية خاصة، على أنّك تعيش في عالم متخيّل لمدرسة وكأنّها في جنّة الله على الأرض، ولكنّها تضمّ المشاكل نفسها بين طالبات يحملن نفسيات متباينة.
أراد المسلسل أن يكون جرس إنذار، في حبكة درامية لا بأس بها، وقدّم خمس ساعات من التناقضات البشرية الأنثوية، وهذه من مؤهلات نجاح الدراما، من صعود وهبوط، وذروة وسقوط، ولكنّه قدّم في مضمونه أسوأ إنموذج يمكن أن يكون عليه الذكر، فليس هناك من ذكر محترم في كل المسلسل، اللهمّ إلاّ ذلك الأب الهلامي، الفاقد الشخصية، الذي يمثّل أنه يطبخ الأكل للعائلة، وهو يحضره من الخارج.
هناك تعرية لا مجال لإغفالها للمدارس الخاصة، التي يستأثر بوجودها المال، في غياب كامل للمشهد الحقيقي للمدارس الأردنية الحقيقية، وهناك تحذير واضح وناجح لأولياء الأمور قبل الطالبات والطلاب في أنّ الأمور التي تبدو أمامهم ليست حقيقية، ففي آخر مشهد هناك جريمة قتل لا نعرف مدى مطابقتها للواقع الحقيقي، فالأخ لا يقتل أخته بهذه السهولة.
أردت أن أتابع المسلسل مرّة واحدة، وكأنّه فيلم سينمائي، فشدّني ليس فقط لأعرف ماذا سيأتي لاحقاً، وهذا حصل، ولكن لأنّ مشهد عمّان وبعض نواحي الأردن الجمالية كانت حاضرة، ولعلّ هذا مهمّ في الترويج لبلادنا، وأيضاً لأنّ هناك إتقاناً في التمثيل والتصوير والإخراج، عزّ نظيره عندنا، وعنوانه: صنع في الأردن!
المسلسل صار منذ اليوم الأول موضع إهتمام، بين معارضين ومؤيدين، في الشكل والمضمون، ولكنّ علينا أن ننتبه بأنّه يشكّل “جرس إنذار” في محتواه الخطير، و”جرس تنبيهّ” في شكله البهي الذي يعلن أنّ الدراما الأردنية موجودة كتابة وتصويراً وتحريراً وتمثيلاً وإخراجاً، وللحديث بقية!