تثار أسئلة مثل لماذا يكره بعض الطلبة دراسة الرياضيات والعلوم مع أنها موجودة في كل لحظات حياتنا ؟ في نمونا ، وتغيرنا ، وحاجاتنا.. الخ. فلا نعيش لحظة غير علمية أو غير رقمية أو هندسية! يقولون لنا إن العلوم هي الحياة والرياضيات هي الحياة، ومع ذلك لا يعطون الطلبة منها غير جدول الضرب ومقدار الضغط والقوة والجدول الدوري وتفاعلات كيماوية، وأنواع الخلايا! من الطبيعي أن يميل المتخصص فيها إلى فكري نظري محدود، وتطبيقات عملية محددة لا صلة لها بالحياة! لقد قال باحثون إن العقل الهندسي بالذات عقل أحادي، يفكر كأي اعتقادي بأنه يمتلك الحقيقة. وأن حقيقته واحدة ، وبوجودهم في قمة المنظمات الإرهابية.
ولذلك فإن القول بوجود ارتباط بين العقلية الهندسية والرياضية وبين التطرف أمر يمكن فهمه من خلال دراسة ما يتعلمه الطلبة من موضوعات في الرياضيات والعلوم!
-في المدرسة تركز المناهج على الأرقام والخطوط والزوايا والأشكال. ومع أن هذه كلها موجودة في الحياة، فلا يكاد الطالب يعرف أكثر من أن الزاوية القائمة 90 درجة، دون أن يعرف أن هناك مئات الزوايا القائمة حوله وفي غرفته ومقعده و كتابه وما يحيط به.
فالمسائل والتدريبات التي يتلقاها لا علاقة لها إلا بتصنيف الزوايا ورسم وتر الدائرة وغيرها..
-وكذلك في العلوم، لا يرى الطلبة في كتبهم غير معادلات كيماوية، والحرارة المفقودة، وتشريح الزهرة بحثاً عن حبوب اللقاح ( مع أن التربية الجنسية محرمة!!) وعن الفلزات واللافلزات دون أن يرى معنى واحداً بها!! ولذلك هو مطالب بحفظ "حقائق" علمية. لا تقبل الشك ولا التشكيك.
وهكذا في كل مادة دراسية تكثر حقائقها الملزمة والتي يجب حفظها ما يقود الطلبة إلى امتلاك حقيقة متفوقة!!
وخلافاً لما يراه الطالب في الشاعر والفنان، فالمرأة عندهم قمر أو زهرة أو نبع أو قوة أو خلق أو صمود أو إلهام.
فالحقائق الفنية والشاعرية ليست واحدة بل متعددة!! وتتساوى اللغة العربية مع العلوم والرياضيات بأنها تحدثك عن حقائق حيث تتحول اللغة إلى قواعد.
فالحقيقة الرياضية : رقماً أو خطاً
والحقيقة العلمية : مركباً أو مخلوطاً
والحقيقة القواعدية: فاعلاً أو مفعولاً
وبذلك يتحول حامل الحقيقة إلى بائع حقيقة يقاتل أو يموت دونها، لذلك فإن المطلوب:
-رياضيات وعلوم مرتبطة مباشرة بالحياة. فالرياضيات معاملات مالية وثقافة حياتية مرتبطة بالبناء وتنظيم الشارع.. ماذا لو علمنا الرياضيات من خلال مشكلات الحياة بدلاً من جمودها؟
وماذا لو كانت كتب العلوم والرياضيات أدوات لتعليم التفكير والحسابات الحياتية، وحل المشكلات، بدلاً من أرستقراطية متعجرفة تظهر في هذه الكتب لتبعدها عن ابتذال العامة وبساطة الجمهور؟
وتكتمل الأمور في الجامعة، فلا يكاد المهندس والفيزيائي يدرس غير مواد التخصص، فلا يدرس شعراً أو فكراً، فلسفةً ، فناً، ثقافةً ، تاريخاً، حكمةً ، أخلاقاً ، قانوناً.. هذه المواد التي تبني الفكر الإنساني و تفتح الرياضيات على الحياة، وتؤنسن الرقم والخط والرمز والتفاعلات.. الخَ!
المطلوب أنسنة الرياضيات والعلوم، وإنقاذ العقول المالكة للحقيقة من سطوة الحقيقة الواحدة! هذا ليس اختراعاً !! كل المدرسة والجامعة هي لبناء قيم إنسانية هي الحق والخير والجمال!!