جاء في الأخبار أن جرافات الإحتلال الإسرائيلي تعثر على رفات جندي من الجيش العربي أثناء مشروع خط القطار في القدس .
من جديد ، أربعة وخمسون عاما ويخرج شهداء الجيش العربي من تراب فلسطين ليقولوا لنا أننّا هنا ، ومررنا من هذه التلال بالقرب من القدس.. يخرجون من حواكير الزيتون وبساتين التين والعنب ومعهم ذخيرتهم التي لم تصدئ ، وحرابهم التي بقيت نصف قرن متزنرين بها عندما تلاحمت الأيدي بالأيدي والصدور بالصدور في معركة السلاح الأبيض …
هذه ساعته كما هي ، توقفت عند الواحدة والثلث صباحا ، عندما إشتدت الرماية على مواقع السرية الثانية في الشيخ جراح ، كان ينادي قائد السرية الرائد سليمان السلايطة على الفئات التي إحتمت بالخنادق حول مخفر الشيخ جراح ، قال لهم ما قاله له قائد كتيبة الحسين الثانية الشهيد الرائد منصور كريشان ؛ اليوم يومكم .. المنيّة ولا الدنيّة ..
ساعة الشهيد توقفت عندما توقف النبض ، كانت الساعة مع الله ، إنفتحت السماء للأرواح الصاعدة ، توقفت الساعة عندما توقف القلب عن ضخ الدم الذي فاض زكيا طاهرا حارا من ثقوب الجسد .. وظلت الأصابع على الزناد ترمي ، تباهى بالخاتم التي أهدته إياه أم صابرة أو حبيبة تنتظر عودته .. لم يتولّى وإستقبل الرصاص في منتصف الجبين والصدر أوسمة شجاعة حتى لقى وجه ربه مع بقية زملاءه …
أكثر من خمسين عاما ، وما زالت سرية الشيخ جراح وتل الدخيرة قصة تضحية وفداء ، إستشهد ٩٧ جنديا من السرية .. إجتاح العدو المكان مع نداء الفجر ، قدموا شهادة موردة بأشرطة الدّم مغمسة باللحم المحروق والممزوج بالبارود.
سلام عليك أيها الشهيد الحيّ ، وسلام على شهداء الجيش العربي في القدس ونابلس وتل الذخيرة والشيخ جراح ووادي التفاح وجنين واليامون وصور باهر وقلقيلية.
سلامٌ عليكم يا أبطال جيشنا العربي الأردني، وسلامٌ على دمكم الزكي وذكركم الندّي، وسلام لجيش ما زالت مدافعه بوصلتها نحو الغرب، وقلوب ابناءه مشرعة لحب فلسطين وما بدّلوا تبديلا…