سر تخصيص اللجنة الملكية مقاعد للأحزاب
د. اسامة تليلان
12-08-2021 11:00 AM
كشفت الخطوط العامة لأفكار اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ان اللجنة توافقت في مشروع قانون الانتخاب الجديد على تخصيص ما يقرب من 30% من مقاعد مجلس النواب للأحزاب السياسية، فما هو السر وراء هذا التخصيص؟؟ وكما يقول البعض لماذا تمنح الاحزاب كوتا في المجلس وعدد اعضائها لا يشكل اكثر من 1-2% في افضل احوالها وفتراتها؟؟
السر الاول: ان عدد أعضاء الحزب في النظم البرلمانية ليس عنصر الحسم المعبر عن أهمية الأحزاب؟ إذا من اين تأتي اهميتها؟؟
ان جوهر عملية الإصلاح يكمن في كيفية الانتقال من برلمان يستند الى الافراد إلى برلمان يستند إلى كتل (الأغلبية والأقلية) وفي التجارب الديمقراطية العالمية لم يكن هناك غير النظام الحزبي كآلية انتخابية لتشكيل الأغلبية والأقلية، الأغلبية تحكم والأقلية تمارس الرقابة في إطار من التداول السلمي للسلطة.
اذا اهمية الاحزاب لا تأتي من عدد الاعضاء وانما من وظائفها النوعية في اطار النظم البرلمانية ومن هذه الوظائف:
آلية انتخابية: فالأحزاب في النظم البرلمانية هي من تتقدم بقوائم لها مصداقية وبرنامج يصوت عليه الناخبين.
آلية رقابية: كتلة الاحزاب التي تشكل الاقلية في البرلمان هي من يراقب كتلة الاغلبية.
آليه تداول الحكومات: تبادل الحكومات البرلمانية تقوم به الكتل الحزبية التي تتبادل ادوار الاقلية والاغلبية
آلية تجديد النخب: الاحزاب هي المؤسسة التي تصنع النخب وتصقلها وتقدمها
السر الثاني : القاعدة الحاسمة لتشكيل أغلبية برلمانية لا تعتمد على عدد أعضاء الحزب وأصواتهم في الانتخابات العامة وإنما على أصوات القاعدة الانتخابية العامة التي تدلي بصوتها في صناديق الانتخاب لصالح البرنامج الانتخابي لهذا الحزب أو ذاك. لأن اصوات الاعضاء لن تؤمن اكثر من عدد محدود من المقاعد لا يشكل وزن في البرلمان ما لم يصوت الناخبون لأي حزب.
السر الثالث: نسبة عدد اعضاء الاحزاب الى السكان في الاردن متشابهة في كل العالم حتى مع اعظم النظم الديمقراطية وارسخها بريطانيا امريكيا وغيرها لن تجد نسبة تفوق حاجز ال 4%، لكن الفارق هو السلوك التصويتي للناخب ، الناخب في تلك النظم يعتمد في سلوكه التصويتي على انتخاب البرنامج الحزبي وليس الافراد ونحن نعتمد على انتخاب الافراد وليس البرنامج الحزبي.
اما السر الجوهري في هذا التخصيص والاهم فهو منح الناخب صوت اضافي للدائرة العامة التي تترشح فيها القوائم الحزبية وذلك من اجل :
• محاولة توجيه سلوك الناخب التصويتي نحو البرامج الحزبية من خلال القانون بعد مخاض امتد لاكثر من ثلاثين عام من عودتنا للحياة البرلمانية وقد اثبتت انتخابات عام 2013 ان منح الناخب صوتا للدائرة العامة (الدائرة الوطنية) قد اسهم في توجيه الناخب نحو خيارات لا تقوم على أساس الروابط العائلية والمحسوبية.
• إن واقع واتجاهات الثقافة الاجتماعية لدينا لم يكن داعم لإيصال الأحزاب إلى البرلمان والسبيل الوحيد الباقي إلى ذلك يكمن في قانون الانتخاب، وإلا فإننا سنبقى نراوح مكاننا.
• النتيجة لا حكومات برلمانية ولا برلمانات قوية بدون احزاب سياسية تعمل من داخل البرلمان وخارجه.
وللحديث بقية...