كثيرون طالبوا بدراسة الأسباب الكامنة وراء الأزمة المالية التي ضربت أميركا في منتصف 2008 وانتشرت عدواها في العالم بأسرة بشكل أزمة حادة لم يسبق لها مثيل منذ ثمانية عقود.
الدراسة المطلوبة يقصد بها تحديد الأسباب لتجنب تكرارها، بحيث يمكن للدول الأخرى أن تتعظ بما جرى في أميركا، وأن لا تكرر التجربة المرة وتحقق نفس النتائج المأساوية التي كان بالإمكان تجنبها.
في الأخبار أن هناك توجهاً لإصدار قانون خاص يسمح بالتوريق (التسنيد) وذلك بقصد إعادة هيكلة مصادر التمويل وتوفير السيولة. وأن الحكومة بصدد دراسة الموضوع.
المقصود هو تكرار التجربة الخطرة التي لعبها سوق وول ستريت الأميركي وأدت إلى نتائج وخيمة وأزمة احتاجت الحكومة معها أن ترش على السوق مليارات الدولارات لتخفيف وطأة الأزمة وإنقاذ ضحاياها.
التسنيد هو البذرة التي يبدأ بها تشكل الفقاعة المالية التي تكبر بسرعة، ثم تصل إلى طريق مسدود، فتنفجر وتلد أزمة خانقة وموجة إفلاسات وضياع للأموال التي ظن أصحابها أنهم وقعوا على منجم ذهب يؤمن لهم الدخل الجاري والربح الرأسمالي.
بموجب هذه الطريقة تستطيع البنوك أن تجمع قروضها حسب أصنافها: عقارية، مالية، تجارية، إسكانية إلى آخره، وأن تصدر سندات تعطي حاملها حق امتلاك حصة من هذه القروض على الشيوع كضمانة.
جهة الإصدار سوف تربح لأنها ستمرر قروضاً متعثرة من خلال هذه الأداة الخداعة، والجهة المدرجة للاسناد ستحصل على عمولات سخية مقابل إغراء المغفلين بشرائها، وسيقال لهم أن أسنادهم مؤمنة برهون عقارية مضمونة.
البنوك ستحصل على سيولة جاهزة مقابل قروضها الجامدة أو طويلة الأجل، وستعيد إقراضها وتحويل القروض الجديدة إلى أسناد، وهكذا في عملية لولبية تحقق أرباحاً طائلة لابد أن تكون على حساب جهة ما تتضح عند انفجار الفقاعة.
الذين يطالبون بشرعنة أسلوب التسنيد سيء الصيت، عليهم أن يقرنوا ذلك بطلب السماح ببيع وشراء الأسهم على المشكوف، أو المراهنة على الرقم القياسي للأسعار وباقي المشتقات التي أوصلت العالم إلى حافة الهاوية!!.
تحسـن الحكومة صنعاً إذا أعلنـت رفض واسـتبعاد الفكرة، فالعاقل من اتعظ بغيره.
(الرأي)