الحسين الانسان عبر الأثير: وسيبقى الحكم لي او علي لله والتاريخ
أمل محي الدين الكردي
10-08-2021 11:02 AM
نستذكر دائماً سواء كنا اردنيين او غيرهم المغفور له الحسين بن طلال الانسان الذي قدم من الانجازات تلو الانجازات للوطن رغم التحديات وما حققه للاردن من نهضة وتقدم في كافة المجالات وخاصة واحة الأمن والامان . وأننا لنستذكر دوماً النظرة الثاقبة والقرأة العميقة والواقعيه للمحيط الذي تواجد به وما تعرض له من تأثيرات ومؤثرات خارجية وما حفل ايامها من اضطرابات وعدم استقرار ، ولكن نأى ببلده وشعبه عن تلك التجاذبات واجتاز كل المخاطر والمؤامرات بفكر وعنفوان وكرامة.
والحسين الذي كان يؤمن بمقولة (إن الانسان أغلى ما نملك) وهذا الرهان لم يكن عبثياً بل كان صادقاً ،لأنها خرجت من قلب محب الى انفاسٌ عاشت على هذه الارض المباركة.
لقد دأب أبناء الاردن من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه على ان يترقبوا خطابات المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال السامية عبر الأثير بفارغ الصبر بين الحين والاخر ليلتمسوا على ضوء توجيهات جلالته الحكمة البناءة ،طريق الخير وسبيل العمل المثمر وحجة الصواب والرشاد وكأن بها كوثر سلسال يروي غلة ظمأهم الى معرفة واجبات الانسان الحق ومسؤولياته في مواصلة البناء فوق ثرات الامجاد.
فكانت كلماته ثتلج صدور الاردنيين بأنفاسه وتفعم الأنفس ومن خلال قراءتي لخطابات جلالته منذ فترة استلامه العرش الى عام 1961م والتي كان يخاطب شعبه ، كانت لا تخلو من امجاد الماضي وبناء الحاضر وأمل المستقبل الزاهر الذي ننعم به اليوم وفي رسائل المغفور له الملهمة التي كانت تحمل الفكر الحصيف ونبراس الهداية والارشاد لكل مواطن وأهم ما كانت تحمل خطابات المغفور له الخطاب العاطفي الذي يخاطب الاب الى ابنائه فهذا لم ولن نجده في دول اخرى فهذا التمييز في نوعية الخطاب له بعد انساني حكيم.
من كلماته على امواج الاثير في 1621961بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أقتبس بضع كلمات فقال :أحل عالمنا العربي كله ذلك اليوم الى بيت واحد ضم بين حناياه أمتنا العربية كله لنقيم فيه مهرجاناً تزينه رؤى الثورة العربية الكبرى ونتألق في سمائه أرواح شهدائنا الابرار وقوافل الفداء من ابطالنا الميامين ومنذ ذلك الحين ..وانا اترقب لقائي المقبل معكم واتطلع اليه، لحظة بلحظة ملأت ايامي بمحبتكم والشوق اليكم ..ومضة بعد ومضة .واصلت مجهودي في سبيل خدمتكم والسهر على مصالحكم ومن خلال ذلك اطلقت روحي لتطوف بكم في اردنكم وفي عالمكم الكبير فتلقاكم واحداً بعد واحد على المحبة والوفاء ثم تلقاكم مجتمعين في قلبي ، فتتلقى منكم العزم والايمان وتتحد مع ارواحكم في موكب مقدس واحد منذور لأعلاء كلمة الله والحفاظ على تراث هذا الوطن ورفع رايه هذه الامة بين العالمين .وقال :( ان من بين ما اصلي لله من اجله ،وابتهل له على الدوام ،أن يغني صفوفنا باستمرار بذلك الانسان الحق ، الانسان الذي يضع مبدأه قبل غايته ،والاخرين قبل نفسه ،والله فوق الجميع ). ولم يكن المغفور له يترك مناسبة الا ويطل على ابنائه بكلمات تجعلهم يترقبوا اباهم لحظة بلحظة وتختزن كلماته داخل قلوبهم . ولم يكن مر الشهر على خطاب المغفور بهم حتى شارك معهم في 1731961م وبمناسبة عيد الفطر السعيد فرحتهم فقال : كأني وانا اجلس اليكم هذه الساعة اعيش في لحظات ،ايام حياتكم كلها بكل ما في فيها من ثقة وعزم وكل ما تحمل من رجاء وأمل .وختم خطابه فقال :واما انا يا اخوتي ..فما املك الا نفسي وقد وهبتها لكم وما اعتز بينكم الا بمقدار ما اقدم لكم من خدمة وما ابذله في سبيلكم من جهد ..وسيبقى الحكم لي او علي لله والتاريخ.
وفي 3131961م مساء الجمعة القى خطاباً اخر واقتبس منه عبارة فقال : علينا ان نوطد العزم على حفظ وحدة اسرتنا بحيث نجتث من بين صفوفنا كل من تسول له نفسه أن يعبث مع العابثين ويلهو مع اللاهين ،متخذاً من ذاته ورغباته ونزواته ،غايته الفريدة وهدفه الوحيد.
في عام 1961م كان للمغفور له اكثر من خطاب عبر الاثير وبعدة مناسبات وهناك خطابات تحدث بها الى شعبه وكانت تحمل زاد الفليسوف الحكيم ومجتلى الاديب الاريب ومنهل الفكر ونبراس الهداية والارشاد . والحسين قبل كل ذلك كان انساناً قبل ان يكون ملكاً وكان جندياً في أمة عظيمة متطورة وهذا ما كان دوماً يؤكد عليه في خطاباته ، ومما لا ريب فيه ان سبط رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام ووريث النهضة العربية الكبرى حين كان يتحدث كان يتحدث بقلبه المؤمن الى القلوب المؤمنة مذكراً وموجهاً وبانياً وكان يضرب اروع الامثال للأنسان الحق الذي وضع نصب عينيه بناء هذا البلد وخدمة هذه الامة رحم الله جلالة المغفور له الحسين بن طلال وحفظ لنا جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وادام عرشه وعزه.