ال"أنا" التنظيمية ام .. ال"نحن" الوطنية .. !!
22-06-2007 03:00 AM
منذ البدايات الاولى لرحلة الشعب الفلسطيني الطويلة لاستعادة ارضه المغتصبة .. اثبت هذا الشعب قدرة هائلة على التماسك والتصدي لشحنات هائلة متكررة من محاولات خلق الفتن الداخلية من قوى معادية تحاول الاستفادة من التنوع السياسي والفكري الواسع الذي تتصف به الساحة الفلسطينية. لكن بالرغم من شراسة المؤامرات وتنوع اساليبها الا انها فشلت جميعا في ان تحقق لاسرائيل حلمها التاريخي الثاني -ان يقتل الفلسطينيين بعضهم البعض- بعد ان حققت حلمها القديم في اقامة الدولة على ارض فلسطين . هذا الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني منح القضية بعدا دوليا صبغها بالشرعية واصبحت حقوق الفلسطينيين في اقامة الدولة المستقلة حقيقة دولية يعترف بها الجميع دون استثناء حتى النخب السياسية والفكرية في اسرائيل ذاتها. كل هذا تحقق بفضل نضال الفلسطينيين وقدرتهم غير المحدودة على تجنب الصراع الداخلي فيما بينهم.
اما الان وقد "وقعت الفأس في الرأس" كما يقولون، وانزاحت موانع الفتنة فاننا مع الاسف امام معطيات تكتيكية مخيفة اذا لم يتم تداركها الان وحالا فستتحول الى معطيات استراتجية تقود حثيثا الى الحاق اذى بالغ بالحقوق الوطنية المشروعة التي تم اكتسابها عبر رحلة نضالية طويلة وشاقة ومريرة قدم خلالها الشعب الفلسطيني تضحيات لم يقدمها شعب اخر عبر التاريخ.
ان من الاخطاء الاستراتيجية الكبيرة التي قد ترتكبها حركة حماس هي ان تعتقد ان السيطرة على غزة هو "تحرير اخر لها" وان اقامة "دولة غزة" جديدة سيخدم المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني، فالحقيقة ان مثل هذا التصور سيقود الى نكبة اخرى لا تقل مأساوية وتدميرا عن نكبة عام 1948.
كما ان من الاخطاء الاستراتيجية القاتلة التي قد ترتكبها حركة فتح هي ان تعتقد ان تدمير حركة حماس وتصفيتها من الساحة الفلسطينية عملية ممكنة في ظل معادلات القوة السياسية والشعبية على الساحة الفلسطينية.. ان المضي في سلوك تكتيكي بهذه العقلية سيقود الى مآزق استراتيجية تلحق اشد الاذى يالمصالح الحيوية للشعب الفلسطيني وقد تقود الى تصفية هذه القضية المقدسة عن بكرة ابيها.
خلاصة الحديث ايها الاشقاء، ان القضية يتم خدمتها فقط من خلال التوافق والوقوف معا على ارضية وطنية مشتركة، وتوجيه السلاح في اتجاه واحد.. الى حيث العدو المشترك، والابتعاد عن التفكير باسلوب تكتيكي واهن.. ضعبف .. لا يرى ابعد من المصالح الانانية الضيقة، ويعتريه العمى عن رؤية الواقع الحقيقي للمعطيات الفعلية..
ان المعطيات الفعلية تشير الى ان السلطة ليست دولة حتى تصبح مجالا للتصارع.. وان الدولة المستقلة للشعب الفلسطيني تصبح ابعد من الخيال اذا ما استمر التمسك "بالأنا" التنظيمية على حساب "نحن" الوطنية... ففلسطين اكبر كثيرا من فتح وحماس مجتمعين او متناحرين..
qatamin8@hotmail.com