تتجه الأنظمة العالمية عموماً لاستخدام الديمقراطية لتجذير التراجع عن مبادئ الديمقراطية المعروفة يتناغم في ذلك الاداء الحكومي والبرلماني لكي تشارك البرلمانات في دكتاتورية الحكومات، واصبح التركيز على نظام الحكم نيابي أو رئاسي بغض النظر عما يمارسه الحكم من دكتاتورية ما دام ينظم انتخابات نيابية دورية في مواعيدها مع ما يصاحبها من زخم إعلامي هائل يجعل الاعتقاد السائد أن البرلمان القادم سيكون المخلص لتبدأ البلاد الدخول في نفق جديد يؤدي إلى نفس النتائج وهكذا تتراجع قيم الديمقراطية سنة بعد سنة فيصبح الشعور السائد أن البرلمان القادم سيكون أسوء من الحالي والبرلمان المنقضية مدته أفضل من سابقه وهكذا وتتوالى موجات الاستبداد التدريجي على طريقة الاصلاح التدريجي الذي يردده الساسة والمسؤولين في الاردن كطريق للخلاص من الفساد والترهل والبيروقراطية وهذا ينطبق تقريباً على معظم دول العالم بما فيها امريكا عدا الدول الاشتراكية التي شبت عن الطوق وحققت بعضاً من التقدم في مجال حقوق الانسان ومنح الحريات.
ان الديمقراطيات تتراجع لصالح اللوبيات والطائفية والعنصرية والقبلية ما سبب انخفاضاً مستمراً في مشاركة المواطنين في العملية الانتخابية ولا ننسى هيمنة رأس المال والعراقيل التي تعترض فئات مؤهلة واسعة من المشاركة في عملية الاختيار لاقصاء ملايين المواطنين والفقراء من اللوائح الانتخابية.
وهكذا نرى وسائل متنوعة للاستبداد تظهر من خلال قمع الحريات وحظر الاحتجاجات والاضرابات والمظاهرات وقمع الحريات الاعلامية وتشويه مؤسسات المجتمع المدني ونشر أخبار كاذبة ضد المعارضين إضافة إلى ما تمارسه قوى التسلط والاستعمار من نهب لثروات الامة وتفتيت وتخريب البلاد من خلال اشعال الحروب واذكاء الفتن للدخول في حروب اهلية مدمرة بما يكرس زيادة التبعية للدول المستعمرة التي تقدم وصفات استبدادية جديدة في ثوب ديمقراطي، بينما تتلاشى الطبقة المتوسطة في المجتمعات نتيجة لتسلل الحكومات الى جيوب المواطنين لإفراغها بحيث اصبحت الدول النامية (النايمة) على شفا الخراب المالي بتزايد الفقر والجوع والمرض والمعاناة.
وتكتفي الدول بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة بأن على الدول الغنية مراعاة وضع هذه الدول ولم يطلب من الدول الغنية إلغاء ديون الدول الفقيرة بل اكتفى بطلب تأجيل دفع فوائد هذه الديون ولم يلتزم الدائنون بهذه التوصيات فقد أصر الكثير منهم على أن تدفع الدول أقساط القروض وفوائدها في المواعيد المحددة لتعود الحكومات للضغط على شعوبها بمزيد من الدكتاتورية الناعمة ضرائب ورفع اسعار ووقف دعم وتوقيع اتفاقيات بيع ورهن ما تبقى من الاوطان البائسة.