على الجميع أن يعترف أن مصر كانت أبعد رؤية وأثقب نظرة من دول كثيرة في المنطقة في تعاملها مع ملف الحركة الإرهابية منذ نشأتها.
ففي حين كانت مصر تحارب فكرها وتكشف زيف منهجها منذ بداياته، كانت أنظمة أخرى تدعم منهجها وتوفّر المأوى لقادتها، بل وتنشرت أفكارها عبر تدريس كتبها في مقرراتها التعليمية، ككتاب " الجهاد في سبيل الله " لسيد قطب!
ساعد ذلك الدعم على تقوية شوكتها وتمدّدها، واستمالة قاعدة مجتمعية في القرن الماضي دون أن يدركوا خبث معتقدها وفساد منهجها !
فانتشرت في بلاد عربية مختلفة، وظلت مصر - قيادة وشعبا - ثابتة على موقفها منها منذ تأسيسها حتى الإطاحة بها !
لذلك تقع على تلك الأنظمة التي دعمتها وأوجدت تربة خصبة لها لتتوغّل في كثير من المجتمعات العربية مسؤولية أخلاقية تستوجب الاعتراف بصحة التعامل المصري معها في تلك الفترة وخطأ سياساتهم، والتي لا تعفيهم من مسؤولية تمدّدهم وانتشار فكرهم لدى البسطاء من الشعوب الذين لم يدركوا حقيقة أهدافهم !
وهذا يفتح تساؤلاً مقلقاً، هل الحركة تخضع لتجاذبات السياسة، فتدعمها الأنظمة ما ارتأت مصلتحها، وتلفظها متى انتهى دورها ؟
هل يعني ذلك أننا قد نجد أنظمة قد تدعمهم وتوفّر ملاذاً آمناً لهم مستقبلاً إذا وجدوا أن مصالحهم ترتبط معهم ؟
وبأكثر دقّة .. هل نعادي الباطل لمجرد أنه باطل أم نصفق له ما درّت معائشنا منه ؟
نرفع القبعات للسياسة المصرية التي تثبت دائما أنها صاحبة الرؤية الثاقبة في التعامل مع الملفات المستعصية.