تغيظني كلماتٌ مثل "أَوْعَزَ" و "وَجَّهَ" عندما أقرأها بالأخبار فهي تدل بنظري المتواضع أن المسؤول و الجهة التي يرأسها لا تتحرك لمواجهة أمرٍ ما طارئ إلا إذا أوعزَ و وجَّهَ مسؤولٌ أكبر أن تتحرك. طيب، إن لم يوعز و يوجه، هل لا تتحرك؟ طبعاً ستتحرك و إلا ستُلامَ لكن الخبر بالإيعاز والتوجيه يحمل بطياته ما هو سلبيٌ للغاية. لماذا؟
إنه يقولُ للعامة، نحنُ، أن المؤسسة التي لها خطط و استراتيجيات و مخصصات لمواجهة أو الوقاية من حدثٍ ما سوف تنتظر الإيعاز إما عَمْداً وإما نِفاقاً. إن كانت تسويفاً إلى أن تُؤمر فهي مصيبة و إن كان نفاقاً للمسؤول الأعلى و تلميعاً مستمراً لخواصه في الحرص والكرم فهل نحن نحتاج للتذكير؟
أفهمُ الإيعاز أو الأمر بالتحرك لمن لا يستطيع القيام بعملٍ لأن العمل خارجٌ عن نطاقِ مسؤولياته. مثلاً، عبور الحدود لنجدة بلدٍ من حريقٍ أو كارثة. عندها يكون للإيعاز معنىً. لكن الإيعاز لعملِ شيئٍ بنفس البلدِ و العملُ من صُلبِ واجب الجهة الموعَزِ لها فهو ينفي عنها صفات المسؤولية المبنية مؤسسياً بها لتعمل.
المسؤولُ لا يحتاج لإيعازِ مسؤولٍ أعلى ليؤدي عمله على أكمل وجه. هذا ما نفهمه و نريده. و المسؤولُ محميٌ عند أخذ القرار بسلطاته المتفق عليها و لا يجب أن ينتظر إيعازاً ليعملَ و لا ثناءً عندما يؤدي واجبه. الإشكالُ في الإيعاز أنه يسلبُ المسؤول والمؤسسة قدرة التحرك المؤسسية اللازمة للدولة الحديثة و يكبت ملكةَ القرار للمسؤول وهو ينتظر هاتفَ الإيعاز و يأخذ من المؤسسة فخرَ عملها عند تنسيب العمل للواعز. لهذا، أتمنى اختفاء هذه التعابير من حياتنا المؤسسية.