قانون الانتخاب .. كي تختلف الصورة
د.طلال طلب الشرفات
06-08-2021 10:46 PM
قد يظن البعض أن الحفاظ على المكتسبات المناطقية في الدوائر الانتخابية هي ضرورة حتمية؛ في حين أن الدول المتحضرة عندما تريد الانتقال إلى أفق الإنجاز الوطني تتجاوز المنطلقات الضيقة عندما تحرص على الحفاظ على هويتها الوطنية الراسخة، وثوابت الدولة ومرتكزاتها التي لا تقبل العبث وفي مقدمتها عدم الانصياع إلى دعوات الحقوق الضائعة المنقوصة والديمغرافيا الباهتة دون أن تلتفت إلى بنية الدولة وبناتها ودون أي إدراك موآمرات التصفية، وعوامل الهدم التي جعلت متخذ القرار يراعي القضايا العالقة، والمخاوف المشروعة والمرتبطة بالدول دون أن يصل الأمر إلى الإخلال بمبدأ المساواة بين الأردنيين من شتى الأصول والمنابت في ممارسة حقوقهم السياسية.
التجاذبات السياسية وعوامل الشَّد والجذب والمخاض العسير الذي يُرافق أعمال لجنة التحديث والتطوير السياسي ينبئ بمخاوف حقيقية على عملية الإصلاح الحقيقية برمتها سيما وان المخاوف من الانتقال إلى قرارات شجاعة وتحولات سياسية نوعية هي مهمة شاقة وصعبة لم يألفها الساسة سواء أكان ذلك في اللجنة أو البرلمان أو حتى القوى السياسية وفي مقدمتها الأحزاب، وهذا يتطلب من الجميع مغادرة أساليب التخندق حيال المواقف الجاهزة المظلوميات البائسة، ومكاشفة حقيقة وحوار وطني حقيقي جاد حيال تلك المخاوف المشروعة، ويرافق ذلك الإدراك الناجز بأن الوطن أهم من الجميع.
آن الأوان أن ننتقل إلى التفكير خارج الصندوق المعتم والمشبع بالهويات الفرعية، والأثنيات المناطقية التي أرهقت كاهل ثبات الدولة، وحيويتها، وأولوياتها الملحة، بل أن إمعان المشرع في تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ سيؤدي إلى مزيد من التراجع في حوكمة الأداء النيابي الذي أضحى مشجباً مستمراً للقوى السياسية والمواطنين على حدٍ سواء، سيما أنه يمكن بمراجعة احترافية لقانون الانتخاب يتم فيها معالجة القضايا المعلقة من جهة، وحالة الانفتاح السياسي من جهة أخرى.
عشرة أو إحدى عشرة دائرة انتخابية بعدد يقارب مئة مقعد نيابي أكثر من كافية لدولة لا يصل فيها عدد المقترعين الفعليين عن(2) مليون ناخب يتم الترشيح فيها بقوائم حزبية وكيانات سياسية يمكن أن تضم شخصيات مستقلة ينطبق عليها شروط الكتل الحزبية يتم تقسيمها على الشكل التالي:
العاصمة ومأدبا (3) دوائر
إربد وعجلون دائرتين
جرش والمفرق دائرة
الزرقاء دائرة
البلقاء دائرة
الكرك دائرة
معان والطفيلة والعقبة دائرة
البوادي الثلاث دائرة.
وتتقارب أعداد المقاعد في الدوائر وليس بالضرورة تطابقها
وقد يشترط في القوائم شروط تضمن حد أدنى من تمثيل المناطق.
وتدرك اللجنة الملكية أنه لا يمكن تحقيق الرضى الكامل من قبل الرأي العام إذ لا يجوز التمترس خلف دعاوى الحقوق المكتسبة؛ لأن تلك الدعوات تشكل عبء وعائق أمام الإصلاح السياسي، سيّما وأن مغادرة أتون الهويات الفرعية يتطلب قرارات شجاعة قد تكون قاسية في بدايتها ولكنها ستحقق تحولاً نوعياً في المدى المتوسط والبعيد، وستضيف إلى المشهد السياسي الوطني نقلة استثنائية في الوعي السياسي وترسيخ العمل الحزبي، وسنجد أننا سرنا بثبات في الطريق الصحيح.
هذا الاقتراح قد لا يكون محبباً للكثيرين ولكنه علاج مهم لحالة الترقيع الدائم في النظام الانتخابي وتمرين أهم حول سبل الانحياز للقضايا الوطنية دون إغفال الاحتياجات المحلية، وفرصة للتأكيد على أن الانتماء الوطني والولاء السياسي لا يقبلان الإزدواجية أو الاختبار وأن أي ممارسة للتقية السياسية ستعيدنا بالقطع إلى ما قبل مرحلة الانفتاح الديمقراطي والتي تجاوزت ثلاثة عقود من المد والجزر، وآن الأوان لنعيش مرحلة من التطور والاستقرار في العمل البرلماني والذي سيحقق الرخاء لشعبنا، والمنعة لوطننا، وعلى هذه الأرض دائماً ما يستحق الحياة..!