ليعود المعارضون بالخارج لوطنهم
د. عدنان سعد الزعبي
06-08-2021 10:04 PM
الوطن هو الام الحنون التي لا يمكن أن ترفض أولادها، أو توصد في وجوههم ابوابها حتى ولو اساءوا لتربيتها ولقيمها وثوابتها. الوطن لا يحقد، ولا ينبذ ولا يكره ابناءه، حتى ولو جحدوا أو استنكروا أوتطاولوا، فقلب الام هو المتسامح دائما، وما اكثر الصفحات التي يتجاوزها في سبيل المسيرة الخيرة.
الوطن كالأم يتحمل ويصبر ويتجاوز الزلات لأبنائه، حتى ولو كان عاقا متنمرا على من حملته خلق من بعد خلق، وسهرت عليه الليالي حتى بلغ اشده وعلمته كيف يفكر وكيف يرسم الطريق ويضع الرؤى ويصيغ الأهداف. فالوطن لا يمكن أن يرفض أبنائه التائبين حتى والطامعين ولا الذين تراجعوا بعد تغير الظروف والاحوال وآلت الى ما غير ما رسموا وخططوا. انه الام التي تفتح ذراعيها الدائم لكل هؤلاء الذين ينهشون بلحم امهم ليل نهار ويتسابقون لزعزعة استقرارها وخلخلة أمنها، والتشكيك بمصيرها. نعم فالتلاعب بعقول الناس وافكارهم ومحاولة زرع التشكيك ورسم الصور النمطية وصياغتها باتقان ضنا منهم بأنهم سيغيروا من المعادلات السياسية أو يشكلوا حالة ضغط عامة يكونوا هم مرجعية الرأي العام. مستغلين طهر الناس وبراءتهم وسماحتهم التي لا يمكن أن تكون سذاجة او ضعف ليصدقوا ما يقال، أو يأخذوا بما يرسموا
لن يقول الوطن لأبنائه المعارضين بالخارج لا، ولا يصد الأبواب المشرعة دائما لهم ولغيرهم، ولن يقسوا كما لم يقسوا على من قسى عليه بإتهامه وتخوينه والتآمر عليه. فقلب الوطن دائما في تسامح وسمته النسيان النابع من الثقة والقوة وحبه للوحدة. الوطن ينادي أبنائه ليعودوا اليه فهو لم يسبق له وأن قتل المشاعر أو فرض الكبت المطلق أو التكميم العنيف، بل حكم القانون وكلنا مع القانون؟ الوطن ينادي ابناءه ليستمر قطار الحرية وبمستواه المقبول الذي يحتاج الى معادلة إصلاحية سياسية اجتماعية ثقافية نشارك بها جميعا، نطوره وننميه للمستوى المنشود.
فالمعارضة لها مساحتها الواسعة في الداخل، وما نشهده باروقة النواب والصحافة والأحزاب والمؤسسات المهنية ومستوى الحديث العام بين الناس وفي الصالونات السياسية، وتوفر المنابر التعبيرية، وما نشاهده من إرادة إصلاحية يشارك بها الجميع، يؤكد اننا نستطيع الولوج بالحرية الحقيقية والسير بخطى ثابتة نحو دولة الدستور والقانون.
لا تستغربوا ما يجري مع نايف الطورة ولا من ما يمكن أن يعود بعده خاصة بعد أن ادركوا أن الناس وخاصة الأردنيون يعرفون ويدركون كل ما يقوله هؤلاء، بل بشكل أوسع وأكثر، فابداء آرائهم تظهر بشكل واضح وبمستوى شامل وبمختلف قضايا وتحديات حياتهم، وليسوا بحاجة لمن يتحدث عنهم أو بإسمهم. وهذه حقائق أدركها عدد من المعارضة في الخارج.
المعارض هو الانتقاد الحقيقي غير المزيف وغير المبني على الاشاعة والتلفيق والتحريف والتبديل أو التغيير للحقائق. فالحقيقة تسمو دائما. المعارضة هو انتقاد سياسات وبرامج ودعوة نحو الإصلاح لان مصير الوطن والمواطن هو الأهم، والديمقراطية الدستورية هي التي تجعل منك معارضا بعد ما كنت صاحب سلطة، فلعبة المعارض والسلطة هي التي تعكس إرادة الشعب في كل مرحلة من المراحل فلا معارضة دائمة ولا سلطة دائمة بل دائرة تتغير وتتبدل.
صورة المعارضة من أجل الأهداف المصلحية ظاهرة أصبحت سمة للعديد من المعارضين، الذين سرعان ما يقيدون معارضتهم بمستوى منافعهم، والشواهد امامنا.
نقول لنايف الطورة هذا وطنك كما هو وطن غيرك من المعارضين، وهو أولى بإحتضان أبنائه. ولتكن معارضتنا بيننا نتحاور ونتبادل وعلى الصادق الاثبات والسعي نحو الإصلاح. ولنقلب الصفحة وعفى الله عما مضى ولتكن نموذجا لمن يدرك أهمية وطنه وبلده وعشقنا جميعا للنهوض بها، وادعوا الاخرين ان يعودوا، ولتكن معارضتهم من الداخل وليعملوا من اجل مواجهة التحديات والامراض ونحن جميعا بنفس المسيرة، وكفى استغلالهم من الاخرين. فالوطن اثمن واغلى والحياة معنا اعظم من كل التفاصيل الأخرى.