من وحي الخطاب الملكي السامي
د. هايل ودعان الدعجة
12-06-2010 05:21 PM
كثيرة الاشارات والرسائل التي انطوى عليها الخطاب الملكي السامي الشامل في تشخيصه للمشهد الوطني خلال الاحتفال بعيد الجلوس الملكي وذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش الذي اقيم الاسبوع الماضي في قصر الثقافة. وهي الرسائل التي اكدت على الثوابت الوطنية من العديد من القضايا الداخلية التي طغت على هذا المشهد في الاونة الاخيرة، بعد ان تجاوز تعاطي البعض معها حدود المنطق، وبصورة اسهمت في خلق حالة من عدم الرضا عن هذا التجاوز الذي لم يراع المصلحة الوطنية العليا، وذلك في ظل وجود مواقف اردنية واضحة ومحسومة من هذه القضايا، التي من المفترض ان لا نشهد أي نوع من الخلاف حولها ؛ بمعنى ان هناك ما يشبه الاتفاق او المرجعية التي يمكن الاستئناس بها او الرجوع اليها عند اثارة مثل هذه القضايا ذات الشأن الاردني الداخلي، والتي يفترض عدم تحميلها اكثر مما تحتمل او الذهاب بها بعيدا بصورة من شأنها الاساءة لبلدنا ــ لا سمح الله ــ خاصة في حالة قيام البعض باستباحة نقلها ونشرها خارج حدود الوطن وجعلها مادة (اعلامية) دسمة تتصدر عناوين الاحداث والاخبار التي تبثها الفضائيات ومحطات التلفزة المختلفة، وتحديدا تلك الوسائل الاعلامية الخارجية التي تتربص ببلدنا، وتتحين اية فرصة للتشهير به والافتراء عليه بما يتلاءم واجندتها المغرضة الهادفة الى النيل من سمعتنا. وان من المعيب ان يتطوع البعض منا لتقديم مثل هذه الفرصة لهذه الوسائل الاعلامية المغرضة التي لا تحب لنا الخير.
فعلى سبيل المثال، لمصلحة من العبث بنسيج الوحدة الوطنية من وقت الى اخر، والتي تعتبر خطا احمر ومن المحرمات الوطنية التي لا يجوز المساس بها او الاعتداء عليها من قبل أي شخص. وكلنا يعلم حساسية هذه القضية المقدسة لدى القيادة الهاشمية واحتلالها الاولوية المطلقة على اجندتها الشخصية والوطنية، بطريقة جعلت جلالة الملك عبد الله الثاني يكرر في خطابه ما قاله بالسابق.. « الوحدة الوطنية امانة في عنق كل واحد منا، فهي ركيزة استقرارنا وضمانة مستقبلنا، وهي خط احمر «. مذكرا في الوقت نفسه بما قاله المغفور له باذن الله الملك الحسين بن طلال.. « كل من يحاول العبث بالوحدة الوطنية او الاساءة اليها هو عدوي الى يوم القيامة، وهو ايضا عدو عبد الله بن الحسين وعدو كل الاردنيين «. والامر نفسه ينطبق على قضية الوطن البديل او الخيار الاردني والتوطين، وهي القضية التي طالما جوبهت برفض اردني وبموقف اردني صلب سرعان ما بدد اوهام المروجين لهذا الطرح المغرض (والوقح). وكلنا يذكر ما قاله الملك عبد الله الثاني حول هذه المسألة في مقابلته الشهيرة مع وكالة فرانس برس ايار الماضي، عندما ذكر « بانه لا يوجد في قاموسنا شيء اسمه الوطن البديل، وهذه الصفحة ليست موجودة اصلا حتى تطوى «. وذلك عندما سئل جلالته عما اذا كان يرى بان صفحة الحديث عن فكرة الوطن البديل قد طويت.. مضيفا جلالته « بان الاردن اقوى من ان يفرض عليه شيء.. وان الحل هو في انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني.. «. وهو ما اعاد جلالة الملك تأكيده في خطابه الاسبوع الفائت.. « اننا لن نقبل، ولا تحت أي ظرف من الظروف، باي حل للقضية الفلسطينية على حساب الاردن.. ولن يكون للاردن أي دور في الضفة الغربية. وفي نفس الوقت لن نتخلى عن واجبنا ودورنا التاريخي في دعم الاشقاء الفلسطينيين، حتى يقيموا دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني «.
لم يعد خافيا على احد مواقف البعض من القضايا ذات الابعاد الوطنية، التي تشهدها ساحتنا المحلية بين الحين والاخر، والتي يفترض التعامل معها بشيء من الحرص والخصوصية، مراعاة لانعكاساتها المحتملة على الداخل الاردني، والتي ربما تكون انعكاسات (سلبية) في حال لم نحسن التعاطي معها بروح من المسؤولية والحس الوطني.
(الراي)