أحد أهم العوامل التي أدت لقيام الثورة الفرنسية كان ابتعاد السلطة عن الشارع الفرنسي، حصل ذلك بعدما طلب الملك من جميع مسؤوليه ان يقطنوا القصر ويتعلموا بروتوكولات. فهجروا احياءهم البسيطة وابتعدوا عن هموم ابناء الشعب الفرنسي.
قد تبدو تلك الصورة بعيدة عن واقعنا في الأردن، ولكننا نعاني من نفس تبعات هذه المشكلة بشكل او بآخر. فان ثقة الناس بالمجلس المنتخب من الشعب قد تكون شبه معدومة والسبب هو بعد القضايا المطروحة في اجندة المجلس عما يشغل بال الشارع.
يؤكد العقد الاجتماعي بالدستور الأردني في الفصل الثالث على أن: الأمة هي مصدر السلطات، مبينا كيف تمارس الأمة سلطاتها. وقد تكون أهم سبل ممارسة الأمة لسلطاتها عن طريق المجلس المنتخب. ولكن للأسف، على مدى السنوات الماضية نلاحظ ازدياد الشرخ والتصدع في الثقة ما بين الشارع الأردني والمجلس، لدرجة يصح القول فيها بأن المجلس لا يناقش القضايا والمشاكل الجذرية التي تعج بحياة المواطن الأردني وتعتبر همه الأكبر.
هذه المشكلة، لا توجد لدينا فقط، بل هي متنامية بأغلب الدول العربية. وحلها لا يتطلب منا إعادة اختراع العجلة، بل أن نبحث في التجارب الأخرى وأن نخرج بحل يلائم التركيبة المجتمعية الأردنية. في الفصل السابع من الدستور يعطى المواطن الحق في مخاطبة السلطات عن طريق العرائض، والنظام الداخلي لمجلس النواب يعطي الحق للمواطن لتقديم العرائض في الشأن العام أو الخاص، لكن يتحفظ النظام الداخلي بحق تحويل العريضة إلى الجنة المختصة برئيس المجلس، وتكاد لا تصل أي عريضة إلى قبة البرلمان!
وأظن قد يكون مقترحا مميزا ونحن في مرحلة إصلاح وتحسين المنظومة السياسية بأن يتم إضافة بند في النظام الداخلي للمجلس يحيل العرائض للجنة المختصة تلقائيا، في حال حصلت على عدد معين من التواقيع المناصرة، وللجنة القرار لتحويلها لسؤال نيابي او اي اجراء تراه مناسبا.
إذا استطعنا تمرير مثل هذا المقترح، سيستطيع الشارع الأردني أن يعكس ما يهمه من قضايا دون حاجته للحشد في الشوارع وإغلاق الطرقات، ستتمكن مؤسسات المجتمع المدني الوطنية من تشجيع الناس على مناصرتها بقضاياها من خلال توقيع العرائض، وسيشعر المواطن بأهمية مناصرته لقضية ما، وذلك سيعود بالنفع على الثقة بين المواطن والمجلس.