كل مساء من مساءات الصيف، اجلسُ في « حاكورة » البيت وهي مساحة من الارض تبلغ 28 مترا مربعا. لي منها «رُكن» اختفي فيه بعد ان تغرب الشمس، اعدّ «أرجيلتي» مع دقات الساعة الثامنة.
ولي ايضا،زهوري التي أُحبّها والتي زرعتها زوجتي من أجل زوجها »الرومانسي».
أما باقي مساحة المكان،فهي مُلك لزوجتي التي «تحوسُ» فيها يوما من بعد يوم،فتتفقّد ما زرعتُه يداها،وتسقيها بالماء واحيانا تضيف اليها «مادة منشّطة»،تساهم في تغذية النعناع والياسمين والريحان وشجرة الدوالي والملّيسة والميرمية وغيرها من الزهور والاشتال التي تحيط بـ »البرندة» كالسّوار.
كل مساء، اضع الكتاب الذي اقرأه جانبا،تاركا ظلام الليل يمنح جسدي «راحة» طالما انتظرتها،خاصة في نهارات «تمّوز» الساخنة.
كل مساء، تُفتح «شبابيك»،وأظنها بأيدٍ «نسائية» ناعمة،تصحبها «أصوات هادئة»،واحيانا تصلني «صيحات» ذات النساء،مناديات او غاضبات من ازواجهن او ابنائهن.
كل مساء،أجلسُ وحيدا «أعزفُ على أرجيلتي» وأنثر ما في جوفي من آهااات،تتصاعد مع سُحب الدُّخان نحو السماء.
هناك، حيث قمر »الجبيهة»/ المنطقة التي اسكنُ فيها،وحيث النجوم تروادني عن لهفتي.
فنجانُ قهوة او كوب من الشاي،يرافقني في جلستي،وومضات «الهاتف» الذي ينقل اليّ العالَم وينقلني اليه.
كل مساء،اكتشف «امزجة الجيران»:
الجار الذي يداعب طفله الذي جاءه بعد سنوات من الانتظار. يبالغ في مداعبته.فيصرخ الصغير احيانا ويضحك حينا آخر.
ثمّة اصوات أنثويّة،تغني وتتبادل النكات. وتارة،تختفي الاصوات خاصة بعد الانتهاء من اعداد وجبة »العشاء».
«حُرّاس» العمارات المجاورة وحارس عمارتنا،يلقون التحية ونتبادل معهم نكتة سريعة واظلّ اواصل «العزف على الارجيلة» والتأمّل واستحضار الافكار التي قد تتحوّل ذات يوم الى «نصوص» غزليّة او مقالات صحفية.
كل مساء..
افعل ذلك..
واشعر ان لحظات الليل تغسلني من رأسي.. حتى قدمي!!
الدستور