بعد حين تجلى «الباص السريع»، عشر سنوات او اكثر مضت في انتظار لحظة انطلاقه، ومن المتوقع اخرى حتى الانتهاء منه الذي أطلق عليه باص «التردد السريع» ليس كهربائيا انما مسربيا، اي ان لا مزاحمة لها في طريقه ومسلكه، ومع انطلاقته بدأت امور تظهر هنا وهناك خلال خط سيره، ومعها بالطبع حلقات بث حي مرئي ومسموع تفند ما ترافق مع مرحلة انطلاقته.
منذ بدأ هذا المشروع الذي عاصر حكومات شتى وامناء عاصمة متعددون ونحن ننتظر ساعة انطلاقه، قبل ذلك فاجأتنا استراتيجية تنفيذه التي اعتمدت على السير كالخيل دون النظر فيما حوله، بتجريف الطرقات وتضيق بعضها والغاء اخرى، وتسببت بمشاكل سير وازدحامات ممتدة حتى خارج حدود العاصمة احيانا، ورافق هذه التطورات تقدم حضاري وتكنولوجي تجاهله المشروع ليبقى الباص السريع معتمدا على الديزل ولم يستغل التغير الذي احدثه في البنية التحتية للعاصمة بأن يتحول الى باص تردد كهربائي صديق للبيئة، وذي قيمة مضافة عالية من حيث الاستخدام وردء ما قد ينتج عن الحافلات العادية.
يوميا منذ تشغيل الحافلات يخرج علينا من اصحاب العلاقة من يفندون التقصير الحاصل في هذا المشروع، فعلى سبيل المثال تغاضى المنفذون عن مظلات تقي حر الصيف وامطار الشتاء، عدا عن صعوبة وصول الركاب في مناطق متعدد لممرات هذه الحافلات وصولا الى نقاط الانطلاق، فلا انفاق اسست لذلك ولا جسور معلقة قريبة منها، اضافة الى ذلك بقيت منافذ دخول الباصات السريعة الى سبلها مفتوحة امام عموم السيارات في بداية التجربة التشغيلية ليبقى من اعتاد سابقا من اصحاب السيارات استخدام هذه المسالك للسير فيها او اتخاذها مواقف يعبرونها، الامر الذي تسبب في مشكلات مرورية، والاهم انه لم تتم معالجة الاختناقات المرورية التي تسبب بها هذا المشروع خاصة تلك المناطق المتآكلة مساحتها بفعل «الباص السريع».
بعض هذه التفنيدات التي ساقها اصحاب العلاقة استهتار المواطنين واقتحامهم لمسارات غير مخصصة لهم، وفي هذا وجهة نظر وفرض مخالفات عليهم حق لحماية ارواح الناس، فيما يستشف السامع او القارئ لهؤلاء ان اتمام المشروع سيسير على نفس النسق السابق دون الاخذ بعين الاعتبار السلبيات التي ذُكر بعضها سابقا موضع اهتمام ولا نية لتغير نهج العمل للتخفيف على كافة الاطراف، ما يعني تكرار الخطأ الذي ظهر في امكان التشغيل الاولي الى مسارات الباص السريع الاخرى قيد الانشاء.
عمان عاصمتنا الجميلة اصبحت من تلك المدن المشتهرة بالاختناقات المرورية، التي يعاني منها شرطي السير والسائق، عدا عن ان ازمات السير سببا رئيسيا في ضياع الوقت والمال وبالتالي التأثير الحتمي على الاقتصاد بشكل او بأخر، فإيجاد منظومة نقل عملية متطورة بحاجة الى ان تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل على رأسها التأثيرات الجانبية الظاهرة للعيان والتي اصبحت مشكلة حقيقية صعبة الحل في ظل ثبات الظروف.
«الباص السريع» امر واقع لا مجال لتغييره، لكن من المؤكد ان هناك من يستطيع اعادة النظر فيما حوله لتحويله الى قيمة مضافة حقيقية للدولة، دون اي إبطاء او تأخر فالوقت ليس مسعفا.
(الدستور)