ربما يحمل العنوان الكثير من المعاني
فبعد تكريم العالم لمدينة السلط باختيارها من أهم وأجمل الملامح في التراث والتاريخ العالمي لدى منظمة اليونسكو و بين اسم الجاردنز الذي به من الحداثة والعصرية ما يعكسه معناه يتربع بلدنا على عرش الأصالة و المعاصرة فمن التاريخ إلى الحاضر عاش الإنسان الأردني الغيور على بلده يبني هذه القلعة بطين الإيمان و ماء المحبة لكي يكون أردننا الأجمل و الأبهى بإنسانه قبل مبانيه و حواريه.
بين المكانين ليس فقط تراث و معاصرة إنما هموم و صور قد يكتب لنا القدر تصحيحها و تلافي أي ألبوم حزين من الصور.
ابتسمت السلط بعد بكائها ونزعت ثوب العزاء ولبست الخلقة السلطية بأجمل ألوانها وأحلى صورها.
بعد انخناق مستشفى السلط وإنصاف قضائنا العادل لإنطفاء إحدى التيارات الكهربائية في مستشفى الجاردنز .....ترى أين نحن في وزارة الصحة؟
ربما نجحت وزارة الصحة بكل طاقاتها بصد الهجمات الالكورونية التي ألمت بتتاليها وشدتها ونزعت ملامح البهجة عن محيى كوادرها
لكنها تعرضت للعديد من اللكمات التي أثرت على توازنها في المعركة ضد ذلك الفيروس اللعين... ومن هنا بدأت جميع الأضواء تسلط على وزارة الصحة بأدق و أصغر تفاصيلها وكأنها النجمة الوحيدة في سماء الجائحة المتمددة المتوسعة.
نادى جلالة سيدنا حفظه الله بحفظه بمعنى الإصلاح الإداري و جوهره و كأنه استقرأ المستقبل وطبب جراح الماضي بنظرته الثاقبة و حكمته المعهودة.
بكل صراحة وبعد متابعة حثيثة ومستفيضة ومراجعة شاملة نرى أن جميع الشخصيات التي استلمت ملف وزارة الصحة في العشر سنين الأخيرة من عمر وزارة الصحة كانوا على درجة عالية من الكفاءة والمهنية ومن أكثر الأطباء والشخصيات الوطنية نجاحاً في ميادين عملهم التي سبقت توليهم لمنصب وزارة الصحة.
ترى أين الخلل؟ وما هو السبيل للخلاص؟
من أهم عوامل الخلل الإداري هو غياب دسترة الإدارة.. فلا يوجد دستور واضح وصريح لتولي المناصب في أروقة وزارة الصحة.. فيعتبر عامل الخدمة وسنونها أهم الشروط لتولي أي منصب إداري قيادي في وزارة الصحة. فلا نمتلك الرؤى والمعايير الأساسية في علم القيادة والكفاءة فغياب المقابلات الشخصية والإمتحانات الفنية وعدم مراعاة شخصية وعلم الإداري عوامل أدت لإفراز وإنتاج بيئات إدارية ضحلة وهشة.
في خضم الحديث عن وزارة الصحة و تطوريها نستذكر معنى التحديث والتطوير فبنظرة سريعة مثلا لأعداد أطباء التخصصات الفرعية و أركز هنا
على معناها النادر والواضح...كيف تقبل وزارة الصحة إلى الآن العدد اثنين أو ثلاثة ببعض التخصصات مثل جراحة الأوعية الدموية أو جراحة قلب الأطفال ألا يليق بنا و نحن دولة مئوية ان يكون لنا في هذه التخصصات عدد عقود المئة.
تختلف و تتنوع الأسباب في هذا الموضوع فالبيئة الطاردة ليست المادية فحسب و إنما الإدارية منها من أهم عواملها فالتسلط الإداري و محاولة قمع بعض المبدعين من قبل بعض الإداريين آل لأن تكون وزارة الصحة محطة مؤقتة وليست منزلاً
ً وبيتاً للعديد من الأطباء...فلماذا لم نبتعث من كل تخصص نادر خمسة أطباء لأرقى معاهد العالم الطبية ليكونوا نواة نشيطة و مطلعة كل في تخصصه ولك أن تتخيل الوفر الإقتصادي والمدى المعنوي عندما توقف وزارة الصحة التحويلات إلى القطاعات الأخرى .
عند ذكر وزارة الصحة يرتبط اسمها بشراء الخدمات النقص بتقديم بعضها....لكن لنفكر بمنطقية...كم عمر الطبيب الذي يُوَافَق على شراء خدماته؟ ما هي حقيقة الخدمات التي يقدمها؟ من الذي قد وافق على شراء خدماته؟
هل الفائدة مؤقتة أم مستمرة؟ هل يمكن تطوير شراء الخدمات للإستغناء عنها بعد خمس سنوات مثلاً؟
نظام شراء الخدمات بوضعه الحالي قد يكون مقبول
بجملة " تسليك أمور" فلا يكفي أن يتواجد الطبيب الذي قمنا بشراء خدماته يومين من الأيام الفعليه في الأسبوع...وأن يتم وضع كل برامج و مواعيد المرضى والمستشفى بناء على تفرغه لإرتباطه في القطاع الخاص و اعتبار أن العمل بوزارة الصحة هو عمل ثانوي وليس عملا أصيلا. فحبذا أن نَستثمر الذي قمنا بشراء خدماته وليس أن يُسْتَثمَر بنا فلا بد من تواجده في جميع أيام الأسبوع وأن يلتزم بتعليم الأطباء حتى يُوَرَث عِلمُه وبذلك و بالإرتباط مع ابتعاث الأطباء نكون قد استغنينا بصورة كاملة عن نظام شراء الخدمات و ديون التحويلات .
بغض النظر عن شخص الوزير و المعوقات التي تواجه أي وزير صحة حالي أو مستقبلي في تطوير وزارة الصحة لا بد لنا أن نمنح شخص المعالي خطة مرتبطة بزمن و محددات و أن نساعده في تحقيقها
وخيط البداية هي الثلاث معضلات التي ذكرتها وهي الإصلاح الإداري و دسترته بعيدا عن التوصيات و التزكيات و الشللية وخواطر الشخوص و العمل على تطوير منظومة شراء الخدمات وابتعاث أعداد مناسبة من الأطباء في التخصصات الدقيقة.
عزيزي القاريء ما قصدته في هذا المقال و عنوانه هو أن وزارة الصحة
تحتاج لإرادة إصلاح قوية و ليس إصلاح من طرف وزير أو مدير تقليدي....تحتاج لإرادة وطنية سياسية فطريق الإصلاح بدأت من السلط ولكن لا نريد أن يكون المحفز الإصلاحي مأساة و كارثة ليكن المحفز الإصلاحي جميلا بجمال السلط و جمال الأردن لا نعلم ما قد يخبيء القدر لنا ولكننا قادرون على مؤهلون لأن تكون وزارة الصحة الرقم الأول و المكان الأفضل.