يقال إن المتطرفين غالبًا ما يكونون من غير المتعلمين أو الذين لم يكملوا تعليمهم. وقد يكون هذا الكلام غير دقيق، حيث تكثر أعداد المتطرفين من حملة الشهادات الجامعية، ومن تخصصات معينة. ففي دراسات بريطانية على الجهاديين الإنجليز – تبين أن ثمانية عشرة من واحد وثلاثين كانوا جامعيين. ومن اللافت أنهم كانوا في معظمهم مهندسين وتقنيين وجيولوجيين وأطباء وصيادلة وحاملي شهادات في الرياضيات والإحصاء.
وقد فسّر الباحثون ذلك بأمرين هما:
- إن طريقة تدريس العلوم الهندسية والتقنية والعلوم والرياضيات غير إنسانية ولا تنمي مهارات التفكير الناقد، فهي تتعامل مع حقائق وأرقام ومعادلات ثابتة.
- إن عقلية من يمتلك الحقيقة – وخاصة الرقمية – لا تقبل المفاوضة والمساومة، وكل من يمتلك حقيقة تصبح حقيقته عقيدة غير قابلة للنقاش.
هذا ما يجعل المهندس والتقني صاحب عقل أداتي، يطبق ما تعلمه، شأنه شأن كل من يدعي أنه يمتلك الحقيقة سواء كانت علمية أم رقمية أم معرفية أم دينية فالحقيقة ثابتة لا آراء فيها!! ولذلك لا تجادل صاحب حقيقة. بل لا تحاوره إطلاقًا.
إذن التطرف لا يرتبط بنقص التعليم بل بنوع التعليم، فالمطلوب أنسنة التعليم من خلال منهج يسمى منهج "ستيم" STEM وهو ربط العلوم والرياضيات بالفن واللغة والحياة، ولكن هذا بقي نظريا ولم يطبق، ولا بد من إعادة النظر بمناهج التدريس أولًا ومناهج تأليف الكتب ثانيا، وبمعنى آخر ربط العلوم والرياضيات بالحياة. فحين تكون العلوم حياتية فإن فرصًا كبيرة للنقاش والحوار ستفتح بدلًا من الاكتفاء بحفظ القوانين والمبادئ وتطبيقها بحرفية، نحن بحاجة إلى جدول ضرب جديد وإلى حقائق علمية جديدة قابلة للحوار بدلًا من الجمود الحالي.
هناك ملاحظات تشير إلى أن النقابات المهنية سواء في مصر أو الأردن أو غيرها غالبًا ما تسقط بأيدي العلميين والمهندسين والأطباء، ونادرًا ما استلم الأيديولوجيون نقابات كالمحامين والفنانين والأدباء وغيرها.
عودة لموضوعنا، هل مهندسونا في خطر؟ هناك ملاحظات على أن عددًا كبيرًا من قيادات التطرف مهندسون وأطباء!! فأين الباحثون؟