السلط تدخل تاريخ الإرث الإنساني
د. أميرة يوسف ظاهر
01-08-2021 11:38 AM
فازت مدينة السلط قبل أيام كواحدة من المدن التي تحتفظ بالكثير من قيم التراث العالمي، وبهذا فهي في عهدة منظمات إحياء التراث العالمي كمنظمة اليونسكو صاحبة التقييم من خلال لجنة التراث العالمي، والمنظمات الاخرى ذات الصلة وبذلك تكون اول مدينة اردنية تدخل هذا التصنيف كمدينة متكاملة، وكموقع تكون مع مواقع اخرى في هذا التصنيف كالبتراء ووادي رم وقصير عمرة وأم الرصاص والمغطس على مستوى الأردن.
وتعرف أن هناك مدن أثرية وتمتلئ بالتراث أكثر ربما من السلط ولكن ما الذي يجعل السلط تفوز بهذا الموقع المتميز؟ ، وعند التدقيق في الأسباب دون العودة للنقاط التي بُني عليه التصنيف، وبمعرفة متبصرة بمدينة السلط وأهلها نتدارك حجم الإرث الحضاري والإنساني الذي تكتنزه مدينة السلط بين المدن الاردنية ، بل ومدن المنطقة:
أولا: التعايش بين الشعبين الأردني والفلسطيني في ظل هوية واحدة وتمثل في وجود ديوان لعشائر نابلس تم إعتباره جزء من نسبح المدينة ومكوناتها الرئيسية.
ثانيا: التعايش بين أصحاب الديانتين الإسلامية والمسيحية تمثل في وجود روابط مسيحية وكنائس وأخوة في الرضاعة من مسلمين ومسيحيين، وأماكن دينية مشتركة كمقام سيدنا الخضر عليه السلام حيث يأتي المسلمين والمسيحيين اليه للتبرك وطلب الإستسقاء.، وربما تكون هي المدينة الأكثر تميزا بعدم وجود أحياء قائمة على أساس ديني.
ثالثا: تفرد الطبيعة المعمارية للسلط، حيث بحد السلط من معظم جهاتها أودية ويسكن أهلها في جبال عاليه، وقد تكون إستثنائية في إهتمام الناس بالبيوت القديمة والجميله وتعتبر من أقرب المدن الأردنية شبها بالمدن الفلسطينية القريبه كالقدس ونابلس.
رابعا: الموقع الجغرافي للسلط فهي مدينة تتوسط الضفتين وتطل على فلسطين والبحر الميت، وقد تم الحديث على ان تكون أول عاصمة اردنية بعد تاسيس الامارة ولكن كانت هناك ظروف منعت ذلك، ولكنها بقيت في موقع قريب ومتوسط من العاصمتين الروحية " القدس " و " عمان".
خامسا: وجود جمعيات ومؤسسات تعمل على تشكيل هوية حضارية للمدينة فهناك مؤسسة إعمار السلط، ولجنة تنظيم وسط المدينة، وجمعية حماية التراث، ومنتدى السلط الثقافي، وفروع تابعة لرابطة الكتاب وإتحاد الأدباء والكتاب ، وهناك قاعات ثقافية وإجتماعية خاصة، وفروع لمعظم الأحزاب القائمة في الوطن، كما يتواجد في السلط فرق فولكلورية وثقافية وموسيقية تقوم على الإرث الحضاري للمنطقة.
سادسا: تعتبر بلدية السلط ومدرسة السلط الثانوية بواكير على مستوى المملكة، وقد خرجت مدرسة السلط الثانوية الكثير من القيادات السياسية والإجتماعية في الأردن، وتعتبر بلدية السلط من انشط البلديات على مستوى المملكة، فقد شاركت بشكل رئيس في تقديم الملف الخاص في ترشيح مدينة السلط لجائزة التراث العالمي .
سابعا: يعتبر أهل السلط رجالًا ونساءً من أكثر الناس إلتزامًا بلباس التراث الشعبي والأكلات الشعبية ويمارسونها بشكل يومي ، وهناك مصانع فردية ومؤسسية لصناعة ألبسة وأطعمة تراثية تقدم للسائحين والزوار.
ثامنًا: وجود مواقع أثار وإستجمام كثيرة حول السلط بسبب موقعها المناخي، وإطلالاتها العذبة، في رميمين وجلعد وزي ووادي شعيب والعارضة.
تاسعًا: بقاء أبناء السلط النخبويين في كافة المجالات في مدينتهم، نتيجة قربها من العاصمة وإعتبارها جزءًا من إقليم الوسط، ما أرتقى بمدينتهم وجعلها قبلة للزوار والأنشطة، وقد أستضافت المدينة عدة أنشطة محلية وعربية ودورات رياضية وثقافية.
عاشرًا: تميز السلط بثقافة شبه سياسية في إدارة مدينتهم، ووجودها كتجمعين عشائريين هما حارة وأكراد، وهذا معروف لأهل السلط ويعيشونه، ولا يشكل عاملًا سلبيًا في إدارة المدينة، بل صار عاملًا إيجابيًا وخلق روح من التنافس لخدمة المدينة.
مبروك للسلط وأهلها، وللأردن ونتمنى أن تحذو إربد والكرك وكل المدن الأردنية لتكون كما السلط جزءًا من التراث العالمي.