كان الرجل يدعى عباس بن فرناس، فقد صنع لنفسه أجنحة تشابه ريش طائر عملاق، ثم ارتقى بكل شجاعة وسؤدد مرتفعا شاهقا، وفرد أجنحته الاصطناعية.. وقفز.. حلّق الرجل سابحا في الفضاء مثل النسر لدقائق معدودة، بعدها فقد السيطرة.. وهوى.. ثم مات!!.
وهكذا من أجل حفنة من الدقائق، يقضيها محلقا في الفضاء مطلا على الأرض، حيث تبدو له الكائنات والأشياء أصغر.. من أجل هذه اللحظة التاريخية، لم ينتظر القدر هذا الرجل ليهرم، لأنه، ومن أجل العلم والطموح البشري مات الرجل!!.
بعد الفحص التدقيق والإستقراء اكتشف العلماء أن المرحوم عباس بن فرناس نسي – أو تناسى- أن يصنع لنفسه ذيلا حتى يستطيع الحفاظ على التوازن، ويهبط على الأرض بسلام. تخيلوا لو وضع جدنا ابن فرناس لنفسه ذيلا لصرنا نحن العربان العاربة والمستعربة أول من حقق فكرة الطيران البشري ولصرنا منذ ذلك الوقت سادة العالم، ولكانت حاملات الطائرات التي تحتل بحور العالم ومحيطاته – حتى الان- عربية وليست أمريكية من نسل الأخوين رايت.
نحن العربان سادة هز الذنب: الموظف الصغير يهز الذنب للأكبر منه حتى يحصل على ما يريد أو حتى لا يؤذيه على الأقل، والموظف الأكبر يهز الذنب لمسؤول القسم حتى يترقى، ومسؤول القسم يهز الذنب لمديره ومديره يهز الذنب للمدير العام، والمدير العام لرئيس مجلس الإدارة ورئيس مجلس الإدارة ل.. ووووو.. بينما يهز الفراش والمراسل الذنب للجميع، فيما يهز له المراجعون أذنابهم حتى يقوم بتمشية معاملاتهم.
الأغرب، ان جميع نظريات التطور الداروينية، فشلت في تفسير كيف أن الإنسان الذي خسر الذيل استجابة لعمليات الإنتخاب والتطور الطبيعي، ما يزال بحاجة الى الذيل ليقوم بممارسة التذيّل لشخص أعلى منه، حتى يعيش ويرتقي ويحصل على راتبه التقاعدي الى أن يفرنقع من هذه الفانية..
لكن ومن اجل الحقيقة والواقع، فإن الحاجة للذيل لغايات هز الذنب، إذا استثنينا قصة الطيران واعتبرناها مجرد مدخل للموضوع، تقل وتخف حتى تتلاشى تقريبا عند الشعوب الأكثر رقيا وتقدما، بينما تزداد وتتكشف عند الشعوب الأقل رقيا، بمعنى، أن هذه الحاجة الذيللية والتذللية تتناسب عكسيا مع مستوى الرقي والتقدم في المجال الإنساني.
ملاحظة: العنوان مقتبس من اسم رواية للصديق هاشم غرايبة بعنوان (القط الذي علمني الطيران).
الدستور