الاردن هبة الله .. لا تشرشل ولا سايكس-بيكو
د.رحيل الغرايبة
31-07-2021 04:38 PM
الاردن هبة الله. وليس هبة تشرشل ولا سايكس _بيكو ولا بريطانيا العظمى.. الاردن جزء أصيل من بلاد الشام والهلال الخصيب والوطن العربي الكبير والعالم الإسلامي الواسع...
هذه الرقعة من الأرض المباركة والمقدسة كانت مسرحا مستمرا لنشاط عمراني حضاري مشترك متصل عبر التاريخ وقبل التاريخ المدون.. ومقامات الأنبياء هود وشعيب وهارون ويوشع بن نون ومقام اهل الكهف ومغطس المسيح وغيره دليل دامغ على هذا الثراء الحضاري الكبير والعريقِ.. لقد تعاقب عليه الانباط والاراميون والمؤابيون والعمونيون والرومان والفتح الاسلامي الراشدي والامويون والعباسيون والايوبيون والمماليك والأتراك العثمانيون.. وكانت الاردن على الدوام بقعة في غاية الأهمية الجغرافية حتى هذه اللحظة.. وما زالت تحتفظ بالبتراء النبطية والمدرجات الرومانية والقصور الأموية والقلاع الايوبية واضرحة الصحابة لتكون مخرزا في عين كل جاحد ومزور لتاريخ الاردن القديم والحديث..
خضعت هذه الرقعة للاستعمار البريطاني مثل غيرها من بقية الرقاع العربية.. وتعرضت لمحاولات الاستلاب الحضاري والانساني وتغييرات سياسية وحدودية وتقسيم وضم وعبث ..وزال الاستعمار وينبغي ان تزول كل آثاره..
تشكل الاردن الحديث ليس مبتورا عن ماضيه العريق الموغل في القدم ولن يكون.. بل سيبقى متصلا وقائما على تلك الجذور الثابتة والراسخة في الوجدان الاردني الأصيل المتوارث من جيل إلى جيل..
وما زال الغساسنة وشمر وتميم واليمنية والقيسية وكل القبائل والعشائر الأردنية الأصيلة يتوارثون الراية كابرا عن كابر ويحملون الاسم نفسه ويحرسون المكان والزمان والتاريخ والقيم منذ آلاف السنين عبر سلالاتهم الممتدة.. يستقبلون من هاجر إليهم ويريد ان يكون جزءا منهم بصدر الإخوة الرحب المضياف.. ولكنهم سيواجهون بكل قوة وصلابة كل من يريد الغاءهم او تهميش دورهم او التطاول على وجودهم وتاريخهم وتضحياتهم ووطنهم المروي بدمائهم وترابهم المتكون من عظام اجدادهم..
لم يكن الاردن يوما خاليا من المدن المزدهرة والتجمعات البشرية الحضارية ولم يكن خاليا من الرجال والقبائل النابتين من ترابه الطهور الذين يملكون الانتماء العميق الذي يطفح بالحب والعشق الابدي... ، والذين يملكون الاستعداد للاستشهاد والتضحية بالغالي والنفيس للدفاع عن كل ذرة من ترابه المقدس.. ولم يكن خاليا من العلماء والشعراء والفقهاء عبر كل مراحله الذين ينتسبون إلى السلط والكرك وعجلون واربد ومعان والشوبك ومادبا و غيرها من مدن وبلدات شرق الاردن .. وتسجل الوثائق انتخاب بلدية اربد عام 1882 ، ثم توالت الانتخابات في بلديات الكرك والسلط وعمان وغيرها.في تلك الفترة من الزمن التي سبقت دولة الاردن الحديثة.... . وشهدت الاردن حركة سياسية، واعية وراشدة بعد انسحاب الأتراك وتجلى ذلك في مؤتمر ام قيس الشهير عام 1919 وتشكيل حكومة عجلون والسلط والكرك لتعبئة الفراغ القائم في تلك ألفترة من الزمن.. وكان رجالات الاردن على سوية عالية من الوعي السياسي وقراءة المشهد السياسي بدقة ومقاومة وعد بلفور وتشكيل حركة مقاومة للاستيطان اليهودي في فلسطين واستشهد كايد مفلح العبيدات ليكون دمه شاهدا على هذا الوعي السياسي المتقدم عام 1920.....
الانتماء للاردن لا يتناقض مع الانتماء للعروبة والإسلام بل ان الأردنيين اكثر الشعوب العربية تفاعلا ومشاركة مع قضايا الامة الكبرى .. وليس ذلك محلا للمزايدة..
كل من يتفوه بمقولة تقلل من انتماء الشباب الاردني لوطنهم وبلدهم ودولتهم الناهضة وعشقهم لترابه وانخراطهم في تحمل مسؤولية بنائه واقامة نهضته الحديثة هو خائن لوطنه ومتساوق مع طروحات الاحتلال الصهيوني وجزء من المؤامرة الاستعمارية بقصد او بجهل وغباء.