عين إسرائيل على أنقرة .. وكل الإحتمالات مفتوحة
نشأت الحلبي
11-06-2010 04:58 AM
لربما أن ما يشد إنتباه العالم الآن هو قصة المطالبة بتحقيق دولي في "مجرزة الحرية" التي إقترفتها إسرائيل بحق ناشطين عزل، ولكن يبقى من الضرورة بمكان الإلتفات الى حجم "الشرخ" الذي أحدثته الجريمة في موقف الأوروبيين على وجه الخصوص إتجاه إسرائيل، ففرنسا وألمانيا وبريطانيا، وحتى واشنطن، تطالب بإجراء مثل هذا التحقيق، واللافت أيضا إقتراح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأن تخضع السفن "اللاحقة"، وكذلك معبر رفح، الى رقابة أوروبية، وهذا واحد من الإقتراحات التي تحدث عنها مبعوث "الرباعية" توني بلير، وإن كان يُنظر الى مثل هذا الإقتراح بأنه قد يمثل طوق نجاة لإسرائيل حتى تخلص من الحرج الكبير الذي تعرضت له في العالم بعد قرصنتها بحق السفن، فإن الإقتراح لربما يمثل ايضا سندا "إنسانيا" وقانونيا للنشطاء الذين ليس لديهم أية نوايا أخرى سوى إيصال المساعدات الى المدنيين في القطاع، وأن ليس لحملاتهم أي أبعاد سياسية لدعم سلطة حركة حماس، أو عسكرية من قبيل تهريب أسلحة للحركة كما تتذرع إسرائيل.
ويبقى السيناريو الأهم في كل المشهد، هو إنحدار العلاقات بين تركيا وإسرائيل، فالضحايا الذين سقطوا برصاص الإسرائيليين هم أتراك، والسفينة المستهدفة تركية وكانت تحمل العلم التركي، وهو ما فسرته أنقرة بأنه إستهداف متعمد لها، وهذا يتقاطع مع العلاقات المتردية أساسا والتي بدأت بموقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حين قاطع كلمة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في مؤتمر دافوس، وهي الحادثة التي وقعت بعيد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وبعد ذلك تدهورت العلاقات بشكل أكبر بعد الإهانة المتعمدة التي وجهها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغيدور ليبرمان للسفير التركي في تل أبيب حين أجلسه على كرسي منخفض ولم يضع العلم التركي أمامه، فكانت تلك إهانة لم تتقبلها أنقرة وبادرت بإستدعاء سفيرها في تل أبيب حتى تفهم ما جرى، وحتى توصل رسالة الى الإسرائيليين مفادها الإنزعاج الكبير.
هذان الحدثان تركا شرخا كبيرا في العلاقات بين الدولتين اللتين كانتا تجهزان لمناورات عسكرية مشتركة، وغيرها من النشاطات سواء على الصعيد العسكري أو السياسي او الإقتصادي، ثم جاء العدوان على أسطول الحرية حتى يذهب بالعلاقات الى أبعد ما يكون من التردي، وحمل الرد التركي على الجريمة الإسرائيلية الإستياء من الماضي والغضب الكبير من الحاضر، وبالمقابل ذهب ساسة إسرائيل في تحليل الموقف التركي الى حد وصفهم بأن من يحكم تركيا الآن هم "الإخوان المسلمون" -فرع تركيا - في إشارة الى حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي أطاح بالعلمانيين، وأنه إسلاميي تركيا يحلمون بإحياء الحكم العثماني الإمبراطوري مجددا، وأنهم يأملون من مواقفهم تلك بأن يحظون بقاعدة شعبية في العالمين العربي والإسلامي حتى يعيدون أمجاد الإمبراطورية العثمانية التي حكمت هذه المنطقة.
المتابع لما يكتب في الصحافة الإسرائيلية، يلمس بأن تركيا الآن باتت في دائرة الضوء الإسرائيلية، ويتحسس كذلك بأن إسرائيل لربما تصب جل جهدها الآن على كيفية وإمكانية إزاحة "الإسلاميين" عن السلطة في أنقرة، ولعلها الآن تفكر بالطريقة التي يمكن من خلالها تغذية ودعم الإنقلابيين الأتراك ليتمكنوا من الإمساك في الحكم هناك، وتل أبيب لا شك تتابع عن كثب ما يجري في أنقرة خصوصا في ظل محاكمة ضباط في الجيش إتهموا بالتخطيط للإنقلاب على حكم العدالة والتنمية الإسلامي، وغير ذلك، فهي تتابع أيضا المواجهات السياسية والعسكرية بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، ولا نعلم إذا ما قد تفكر مثلا بإرسال فرقة كوماندوز لتحرير زعيم الحزب عبدالله أوجلان، كما فعلت في عملية "عنتيبي" الشهيرة، وهذا بالطبع إحتمال يقود الى إحتمال آخر مثل أن تفكر بدعم مقاتلي الحزب عسكريا، وهذا كله يصب في حقيقة واحدة بأن الإحتمالات باتت كلها مفتوحة، بل ومقبولة منطقيا إثر تردي العلاقات الى درجة غير مسبوقة بين تل أبيب وأنقرة.
Nashat2000@hotmail.om